استوصوا بالنساء خيرا
لا غرابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يوصي بالنساء ،
فالإهتمام بأمر النساء عامة من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتكريم المرأة في الإسلام بلغت فيه منزلة عالية ، لم تبلغها أمة ماضية ،
ولم تدركها أمة تالية ، وتشترك المرأة والرجل على حد سواء في مفاهيم أتى بها الإسلام ،
فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء ، وأمام ثوابه وجزائه يوم الدين والحساب سواء ، قال تعالى :
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ }
وقال جل وعلا : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }
وقال سبحانه : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }
وتنقسم النصوص التي كرمت المرأة ورفعت منزلتها إلى : نصوص ساوت بين الرجال
والنساء في الحقوق والواجبات وهي أصل الشريعة ، ونصوص اتخذت من التوصية شكلا آخرا للمساواة .
إن كثيرا من نصوص القرآن والسنة حثت على حماية المرأة ؛ بل على مسواتها بالرجل - مع اعتبار الخصوصية التى تتعلق بالمرأة فسيولوجيا – وصيانة حقها ، وأوصت بالإحسان لها ، لما تمتاز به من رقة وخجل وحياء فطرها الله عليه مما قد يحول بينها وبين الطالبة بحقها .
وقد ساوى الله جل وعلا بينهما في أصل العبودية له والتكاليف الشرعية ولم يفضل جنسا على آخر ،
وجعل مقياس التفضيل هو : التقوى والصلاح
{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }
نصوص قرآنية :
قال جل ثناؤه : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
قال عز من قائل : { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا }
وقال تعالى : { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى }
كما ساوى الله جل وعلا بينهما في أصل الحقوق والواجبات
{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }
ولم تقتصر نصوص الشرع على المساواة في أصل التكاليف والحقوق والواجبات ،
بل تعدى الأمر أن كثيرا من النصوص القرآنية أكدت بالتوصية بالنساء :
{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا }
{ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً }
{ وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ }
{ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }
كما انه صلى الله عليه وسلم أمر أمته سرعة الرجوع إلى أهل بيتهم عند انقضاء أسفارهم حتى
وصل به كمال خلقه صلى الله عليه وسلم أن يرسل الهدايا إلى صديقات زوجته خديجة رضي الله عنها ؛
فكَانَ إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ ، قَالَ:اذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلانَةَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةً لِخَدِيجَةَ .
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مَنْ أَحَبّ النَّاس إِلَيْك ؟ قَالَ : عَائِشَة " ، أَيْ أَكْثَرَهُمْ مَحْبُوبِيَّةً وأَسْعَدُهُمْ بِمَحَبَّتِهِ ، فالتصريح بالناس له مدلول ومخزون عميق في ذهنه صلى الله عليه وسلم حول النساء ، فَاشْتَمَلَ هَذَا السِّيَاق عَلَى فَوَائِد زَوَائِد ؛ وهو بلا شك إشارة إلى تكريم المرأة باعتبارها زوجا ، فعندما يعلم المسلم أن أحب الناس إلى نبيه كانت امرأة ! يعلم حينئذ قدر المرأة تأسيا بقدوته صلى الله عليه وسلم.
واعتبر رسول الله حسن معاملة المرأة والزوجة يصفة خاصة لأنها أكثر امرأة إلتصاقاً بالرجل هو مقياس الخيرية في الرجل :
(ألا عسى أحدكم أن يضرب امرأته ضرب الأمة ألا خيركم خيركم لأهله ) وهو في السلسة الصحيحة 2678
بل أنه صلى الله عليه وسلم رغّّّّّب بالإحسان إليها بالتوسعة عليها في النفقة :
( دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك " . رواه مسلم )
وفي رواية أخرى :
أربعة دنانير : دينار أعطيته مسكينا و دينار أعطيته في رقبة و دينار أنفقته في سبيل الله و دينار أنفقته على أهلك أفضلها الذي أنفقته على أهلك .
قال امامنا الألباني : صحيح ( 880 في صحيح الجامع )
وليس هذا فحسب ، فبالاضافة الى توصيته صلى الله عليه وسلم بالنفقة ، فقد دعا رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم احسان معاملة الوجة بالسلوك :
(مَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ ) رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم : (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك " )
وقد عوتب صلى الله عليه وسلم في مُعَامَلَتهنَّ برقتها وحسنها ولطفها ،َ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
{ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ، وَكَانَ صُدُورُ ذَلِكَ مِنْهُ طَبْعًا لَا تَكَلُّفًا كَمَا يَفْعَل الرَّجُل مَا يُحِبّهُ مِنْ الْأَفْعَال.