[center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدد أسماء الله الحسني
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فهو المهتدي، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
أمَّا بعدُ: [/center]
عددُ أسماء الله الحُسنى لا يعلمها إلا الله - تعالى - وفي السُّنة الصحيحة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لله تسعة وتسعون اسمًا، مَن حَفِظها، دخَلَ الجنة، وإنَّ الله وِتْرٌ يحبُّ الوِتْرَ)).
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري":
"قوله "اسمًا" قيل: معناه تسمية، وحينئذٍ لا مفهومَ لهذا العدد، بل له أسماء كثيرة غير هذه، وقوله "أحصيناه: حَفِظناه،
قال الأصيليّ: الإحصاء للأسماء العملُ بها، لا عَدُّها وحفظها؛ لأنَّ ذلك قد يقَعُ للكافر المنافق؛ كما في حديث الخوارج يقرؤون القرآنَ لا يجاوز حناجرَهم، وقال ابن بطَّال: الإحصاء يقعُ بالقَول، ويقع بالعمل، فالذي بالعمل أنَّ لله أسماءً يختصُّ بها، كالأحد، والمتعال، والقدير، ونحوها، فيجب الإقرارُ بها والخضوع عندها، وله أسماء يُسْتَحبُّ الاقتداءُ بها في معانيها، كالرحيم، والكريم، والعفو، ونحوها، فيُسْتَحب للعبد أنَّ يتحلَّى بمعانيها؛ ليؤدِّي حقَّ العمل بها، فبهذا يحصل الإحصاءُ العَمَلي، وأمَّا الإحصاء القَولي، فيحصل بجَمْعها وحِفْظها، والسؤال بها، ولو شارَكَ المؤمنُ غيرَه في العَدِّ والحِفْظ، فإنَّ المؤمن يمتازُ عنه بالإيمان والعمل بها، وقال ابنُ أبي حاتم في كتاب "الرد على الجهميَّة": "ذكر نُعيم بن حمَّاد أنَّ الجهميَّة قالوا: إنَّ أسماء الله مخلوقة؛ لأنَّ الاسم غير المسمَّى، وادَّعوا أنَّ الله كان ولا وجود لهذه الأسماء، ثُمَّ خَلَقها، ثم تَسَمَّى بها، قال: فقلنا لهم: إنَّ الله قال: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: 1]، وقال: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ﴾ [يونس: 3].
فأخبر أنَّه المعبود، ودَلَّ كلامُه على اسْمه بما دَلَّ به على نفسه، فمَن زعَمَ أنَّ اسم الله مخلوقٌ، فقد زعَمَ أنَّ الله أمَرَ نبيَّه أنْ يسبِّح مَخلوقًا، ونُقِلَ عن إسحاق بن راهويه عن الجهميَّة أنَّ جهْمًا قال: لو قلتَ: إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا، لعبدتُ تسعة وتسعين إلِهًا، قال: فقلنا لهم: إنَّ الله أمَرَ عبادَه أن يدعوه بأسمائه، فقال: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180].
والأسماء جَمْع أقلُّه ثلاثة، ولا فرق في الزيادة على الواحد بين الثلاثة وبين التسعة والتسعين" أهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: " قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلاَّ واحدًا، مَن أحصاها دخَلَ الجنة، وإنَّه وِتْر يحبُّ الوِتْر))، وفي رواية: ((مَن حَفِظها دخَلَ الجنةَّ))، قال الإمام أبو القاسم القُشَيْري: فيه دليلٌ على أنَّ الاسم هو المسمَّى؛ إذ لو كان غيره، لكانتِ الأسماء لغيره؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الأعراف: 180]
، قال الخطَّابي وغيره: وفيه دليلٌ على أنَّ أشهرَ أسمائه - سبحانه وتعالى - "الله"؛ لإضافة هذه الأسماء إليه، وقد رُوِي أنَّ الله هو اسمه الأعظم، قال أبو القاسم الطبري: وإليه يُنسَب كلُّ اسمٍ له، فيُقال: الرؤوف والكريم من أسماء الله - تعالى - ولا يُقال من أسماء الرؤوف أو الكريم الله، واتَّفق العلماء على أنَّ هذا الحديث ليس فيه حَصْرٌ لأسمائه - سبحانه وتعالى - فليس معناه أنَّه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنَّما مقصود الحديث أنَّ هذه التسعة والتسعين مَن أحصاها دخَلَ الجنَّة، فالمراد الإخبارُ عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحَصْر الأسماء؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر: (أسألُك بكلِّ اسمٍ سَمَّيتَ به نفسك، أو استأثرتَ به في عِلم الغيب عندك)، وقد ذَكَر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي عن بعضهم أنَّه قال: لله - تعالى - ألفُ اسمٍ، قال ابن العربي: وهذا قليل فيها، والله أعلم.
وأمَّا تعيينُ هذه الأسماء، فقد جاء في الترمذي وغيره في بعض أسمائه خلاف، وقيل: إنَّها مَخفيَّة التعيين كالاسم الأعظم، وليلة القدر ونظائرها، وأمَّا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أحصاها دخَلَ الجنة))، فاختلفوا في المراد بإحصائها،
فقال البخاري وغيره من المحقِّقين: معناه: حَفِظها، وهذا هو الأظهر; لأنَّه جاء مُفَسَّرًا في الرواية الأخرى (مَن حَفِظها)، وقيل: أحصاها: عدَّها في الدعاء بها، وقيل: أطاقَها؛ أي: أحْسَنَ المراعاة لها، والمحافظة على ما تَقتضيه، وصَدَّق بمعانيها،
وقيل: معناه: العمل بها والطاعة بكلِّ اسْمِها، والإيمان بها لا يقتضي عملاً، وقال بعضهم: المراد حِفظ القرآن وتلاوته كلِّه؛ لأنَّه مستوفٍ لها، وهو ضعيف والصحيح الأوَّل" اهـ.
قلتُ: وما ذكره النووي عن ضَعف حديث تعيين أسماء الله الذي رواه الترمذي وحَصَره في التسعة والتسعين فقد أصابَ؛ فهو حديثٌ ضعيف حقًّا، وعِلَّتُه الوليد بن مسلم القُرَشَي مَولَى بني أُمَيَّة، وقيل: مَولَى العبَّاس بن محمد بن عَلِي بن عبدالله بن عباس، مِن أتباع التابعين، كانتْ وفاتُه 194 أو 195 هـ.
وها هي مَرتبته عند علماء الحديث:
• مَرتبتُه عند ابن حجر: ثقة، لكنَّه كثيرُ التدليس والتسوية.
• مَرتبته عند الذهبي: عالِم أهْل الشام؛ قال ابن الْمَدِيني: ما رأيتُ من الشاميين مثله، قلتُ: كان مُدَلِّسًا، فيُتَّقَى من حديثه ما قال فيه: عن،
وقال أبو بكر المروذي: قلتُ لأحمد بن حنبل في الوليد، قال: هو كثيرُ الخطأ.
وقال حنبل بن إسحاق: سمعتُ يَحيى بن مَعين يقول: قال أبو مُسْهِر: كان الوليد يأخذ من ابن أبي السَّفَر حديث الأوزاعي، وكان ابن أبي السَّفَر كذَّابًا وهو يقول فيها: قال الأوزاعي.
وقال مُؤمَّل بن إهَاب عن أبي مُسْهِرٍ: كان الوليد بن مسلم يُحدِّث بأحاديث الأوزاعي عن الكذَّابين ثم يُدَلِّسها عنهم.
وقال أبو الحسن الدارقطني: الوليد بن مسلم يُرْسل، يروي عن الأوزاعي أحاديثَ عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي مثل نافع، وعطاء، والزُّهْري، فيُسقط أسماء الضُّعفاء ويجعلها عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن عطاء والزُّهْري؛ يعني: مثل عبدالله بن عامر الأسلمي، وإسماعيل بن مسلم، وأكتفي بما ذكرتُ من أقوال أهْل الجَرْح والتعديل" اهـ.
ولكن لا بُدَّ من زيادة البيان والتوضيح لحديث الترمذي، والذي حدَّد فيه التسعة والتسعين اسمًا؛ لأنَّ كثيرًا من الناس يعتقدون أنَّ تعيينَ هذه الأسماء هي من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّ لله - تعالى - تسعةً وتسعين اسمًا فقط!
لذا نستعين في بيان ذلك بكلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة في ردِّه عن سؤال في "الفتاوى"، (5/ 317) فيمن قال: لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسمًا، ولا يقول: يا حنَّان يا مَنَّان، ولا يقول: يا دليلَ الحائرين، فهل له أنْ يقولَ ذلك؟
قال ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى - في "الفتاوى": "الجواب: الحمد لله، هذا القول، وإن كان قد قالَه طائفةٌ من المتأخِّرين، كأبي محمد بن حَزْم وغيره، فإنَّ جمهور العلماء على خِلافه، وعلى ذلك مَضَى سلفُ الأُمَّة وأئمَّتُها، وهو الصواب لوجوه:
أحدها: أنَّ التسعة والتسعين اسمًا لم يردْ في تعيينها حديثٌ صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شُعيب عن أبي حمزة، وحُفَّاظ أهْلِ الحديث يقولون: هذه الزيادة ممَّا جمَعَه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهْل الحديث، وفيها حديث ثانٍ أضعفُ من هذا، رواه ابن ماجه، وقد رُوي في عددها غير هذين النوعين مِن جَمْع بعض السلف، وهذا القائل الذي حصَرَ أسماءَ الله في تسعة وتسعين لم يُمْكنه استخراجُها من القرآن.
وإذا لم يقمْ على تعيينها دليلٌ يجب القول به، لم يُمكنْ أن يُقال: هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها؛ لأنَّه لا سبيلَ إلى تمييز المأمور من المحظور، فكل اسمٍ يُجْهَل حالُه يُمكن أنْ يكون من المأمور، ويُمكن أن يكونَ من المحظور، وإنْ قيل: لا تدعوا إلاَّ باسم له ذِكْر في الكتاب والسُّنة، قيل: هذا أكثر من تسعة وتسعين.
الوجه الثاني: أنَّه إذا قيل: تعيينُها على ما في حديث الترمذي مثلاً، ففي الكتاب والسُّنة أسماء ليستْ في ذلك الحديث، مثل:
اسم "الرب"، فإنَّه ليس في حديث الترمذي، وأكثر الدعاء المشروع إنَّما هو بهذا الاسم، كقول آدم: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ﴾ [الأعراف: 23]، وقوله نوح: ﴿ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ﴾ [هود: 47]، وقول إبراهيم: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [نوح: 28]، وقول موسى: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ﴾ [القصص: 16]، وقول المسيح: ﴿ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [المائدة: 114].
وأمثال ذلك، حتى إنَّه يذكر عن مالك وغيره أنَّهم كَرِهوا أن يُقال: يا سيِّدي، بل يُقال: يا رب؛ لأنَّه دعاءُ النبيين وغيرهم؛ كما ذَكَر الله في القرآن، وكذلك اسم "المنَّان"،
ففي الحديث الذي رواه أهْلُ السُّنن أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَمِع داعيًا يدعو: "اللهم إني أسألك بأنَّ لك الْمُلك، أنت الله المنَّان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حَي يا َقَيُّوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعِي به أجابَ، وإذا سُئِل به أعْطَى))، وهذا ردٌّ لقول مَن زَعَم أنَّه لا يُمكن في أسمائه المنَّان.
وقد قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - لرجلٍ ودَّعه: قُلْ: يا دليلَ الحائرين دُلَّني على طريق الصادقين، واجعلني من عبادك الصالحين.
وقد أنْكَرَ طائفةٌ من أهل الكلام، كالقاضي أبي بكر، وأبي الوفا بن عقيل أنْ يكونَ من أسمائه "الدليل"؛ لأنهم ظنُّوا أن الدليلَ
هو الدَّلالة التي يُستدلُّ بها، والصواب ما عليه الجمهور؛ لأنَّ الدليلَ في الأصْل هو الْمُعَرِّف للمَدْلول، ولو كان الدليلُ ما يُستدلُّ به، فالعبد يستدل به أيضًا، فهو دليلٌ من الوجْهين جميعًا.
وأيضًا فقد ثبَتَ في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((إنَّ الله وِتْر يحبُّ الوِتْر))، وليس هذا الاسم في هذه التسعة والتسعين.
وثبت عنه في الصحيح أنَّه قال: ((إنَّ الله جميل يحبُّ الجمال))، وليس هو فيها.
وفي الترمذي وغيره أنَّه قال: ((إنَّ الله نظيفٌ يحبُّ النظافة))، وليس هذا فيها، وفي الصحيح عنه أنَّه قال: ((إنَّ الله طيِّبٌ لا يَقبل إلا طيِّبًا))، وليس هذا فيها، وتَتَبُّع هذا يَطول.
ولفظ التسعة والتسعين المشهورة عند الناس في الترمذي: الله، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبِّر، الخالق، البارئ، المصور، الغفَّار، القهَّار، الوهَّاب، الرزَّاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحَكم، العَدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العَلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الجميل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحليم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الوَلِي، الحميد، المحصي، المبدِئ، الْمُعيد، الْمُحْيي، المميت، الحي، القيُّوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد.
ويُروَى: الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدِّم، المؤخِّر، الأوَّل، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البَر، التوَّاب، المنتقم، العفو، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المعطي، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور، الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
ومن أسمائه التي ليستْ في هذه التسعة والتسعين اسمه: السُّبُّوح، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان يقول: ((سُبُّوح قُدُّوس))، واسمه: الشافي.
كما ثبَتَ في الصحيح أنَّه كان يقول: ((أذْهِب البأسَ ربَّ الناس، واشفِ أنت الشافي، لا شافي إلا أنتَ، شفاءً لا يُغادر سَقَمًا)).
وكذلك أسماؤه المضافة، مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين،
ورَبّ العالمين، ومالك يوم الدِّين، وأحْسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريبَ فيه، ومُقلِّب القلوب، وغير ذلك مما ثبَتَ في الكتاب والسُّنة، وثبَتَ في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليستْ من هذه التسعة والتسعين.
الوجه الثالث: ما احْتَجَّ به الخطَّابي وغيره، وهو حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((ما أصابَ عبدًا قطُّ همٌّ ولا حَزَنٌ، فقال: اللهم إني عبدُك، وابنُ عبدِك، وابن أَمَتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حُكمك، عَدْلٌ فيّ قضاؤك، أسالُك بكلِّ اسمٍ هو لك سَمَّيتَ به نفسك، أو أنزلتَه في كتابك، أو عَلَّمتَه أحدًا من خَلْقك، أو استأثَرْتَ به في عِلم الغيب عندك، أن تجعلَ القرآن العظيم ربيعَ قلبي، وشفاءَ صدري، وجلاءَ حُزْني، وذَهاب غَمِّي وهَمِّي، إلاَّ أذهبَ الله هَمَّه وغَمَّه،
وأبدلَه مكانه فرحًا، قالوا: يا رسول الله، أفلا نتعلمهنَّ، قال: ((بَلَى، ينبغي لمن سمعهنَّ أن يتعلَّمهنَّ))؛ رواه الإمام أحمد في المسند، وأبو حاتم وابن حِبَّان في صحيحه.
قال الخطَّابي وغيرُه: فهذا يدلُّ على أنَّ له أسماءً استأثَرَ بها، وهذا يدلُّ على أنَّ قولَه: "إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا، مَن أحصَاها دخَل الجنة" - أنَّ في أسمائه تسعة وتسعين من أحصاها دخل الجنة؛ كما يقول القائل: إنَّ لي ألفَ درهمٍ أعددتُها للصَّدَقة، وإنْ كان مالُه أكثرَ من ذلك، والله في القرآن قال: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180].
فأمَرَ أن يُدْعَى بأسمائه الحُسنى مُطلقًا، ولم يقلْ: ليستْ أسماؤه الحُسنى إلاَّ تسعة وتسعون اسمًا، والحديث قد سَلِم معناه، والله أعلم" اهـ.
والله من وراء القَصْد، وهو يهدي السبيل.
وكتبه/ الكاتب والداعية الاسلامي المصري سيد مبارك