السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
قتال الملائكة
قال سعد بن أبي وقاص t :
رأيت يوم أحد .. عن يمين النبي r وعن يساره رجلين عليهما ثياب بيض .. يقاتلان عن رسول الله r أشد القتال ..
ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ولا بعده ..
يعني جبرائيل وميكائيل عليهما السلام ..[size=25] (1)
* * * * * * * * * *
يطبق الأخشبين
في يوم هادئ .. ولحظة سكون ..
سألت عائشة t زوجها رسول الله r .. فقالت :
يا رسول الله .. هل أتى عليك يوم كأن أشد من يوم أحد ؟
كان يوم أحد يوماً عصيباً .. جرت فيه معركة دامية بين المسلمين والكفار ..
سالت فيه الدماء .. وتقطعت الأعضاء .. وزهقت الأرواح ..
وقتل فيه سبعون من خيار أصحاب النبي r .. منهم حمزة عم رسول الله r .. أسد الله ورسوله ..
وجرح فيه النبي r في رأسه .. ووجهه .. وتكسرت بعض أسنانه ..
وسالت دماؤه الشريفة ..
فعلاً .. كان تذكر معركة أحد يعني ذكريات مؤلمة ..
لكنه r تذكر ما هو أشد ألماً .. وأعظم كرباً .. من يوم أحد ..
وذلك لما ضيق عليه أهل مكة فخرج إلى الطائف يستنصر بأهلها .. فكذبوه وطردوه .. وأغروا به سفهاءهم .. فرموه بالحجارة ..
أجاب النبي r سؤالها وهو يعتصر الآلام من صفحات جهاده مع قريش .. وغيرهم .. .. فقال :
لقد لقيت من قومك ..
وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ..
إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال .. فلم يجبني إلى ما أردت ..
فانطلقت وأنا مهموم على وجهي .. فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب ..
من شدة الهم .. جعل يمشي على قدميه الداميتين .. حافياً .. مجهداً .. حتى قطع أكثر من عشرين كيلاً .. في مشقة شديدة ..
بأبي هو وأمي رسول الله r .. آآآآه .. ماااا أصبره ..
فبينما هو r على هذا الحال .. إذ رفع بصره إلى السماء ..
فإذا هو بسحابة قد أظلت فوقه .. فنظر ..
فإذا فيها جبريل عليه السلام .. فنادى النبي r .. فقال :
إن الله قد سمع قول قومك لك .. وما ردوا عليك .. وقد بعث إليك ملك الجبال .. لتأمره بما شئت فيهم ..
وفجأة فإذا بملك الجبال عليه السلام ينادي النبي r .. يقول :
السلام عليك يا محمد .. إن الله قد سمع قول قومك لك .. وما ردوا عليك .. وأنا ملك الجبال .. وقد بعثني إليك ربك لتأمرني بأمرك ما شئت ..
ما أعظمها من سلطة .. تأمرني بما شئت ؟!
كانت فرصة ذهبية طرحت بين يدي النبي r .. ليشفيَ صدره من قريش .. أو من غيرهم ..
الله أكبر .. يأمر ملك الجبال بما يشاء ..
جعل r يفكر .. وقدماه تسيلان بالدماء .. وألفاظ قريش البذيئة تتردد في أذنه : يا كذاب .. مجنون .. ساحر ..
قطع ملك الجبلا السكون على النبي r .. وبدأ يقترح عليه أنواعاً من العذاب يمكن إنزالها على قريش ..
فقال ملك الجبال :
إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين .. والأخشبان هما جبلان في جهتي مكة .. لو أمرهما ملك الجبال لدكا أهل مكة .. فانتهى أبو جهل وأبو لهب .. وأمية بن خلف ..
آآآه ما أعظمه من انتصار ..
فإذا بالنبي r يتغلب على حاجاته البشرية .. ويقول :
لا .. بل أستأني بهم .. أي أنتظر وأصبر .. وأجعل أمامهم فرصة للتوبة والإصلاح ..
ثم قال r : أرجو أن يخرج الله من أصلابهم .. من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً ..
فهذا من معجزاته r أن سخر الله تعالى له الملائكة ..
* * * * * *
كفيناك المستهزئين ..
كان جمع من كفار قريش .. كثيراً ما يتعرضون للنبي r .. تكذيباً .. واستهزاءً ..
وكان أعظمهم أذى .. الوليد بن المغيرة .. والأسود بن عبد يغوث ..
والأسود بن المطلب .. والحارث بن عيطل ..
والعاص بن وائل السهمي
فأتى جبريل يوماً إلى النبي r .. فشكاهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى جبريل ..
ثم مر بهم الوليد .. فأشار جبريل إلى أنمله .. أصبعه .. وقال : كفيته ..
ثم أراه الأسود بن المطلب .. فأومأ جبريل إلى عنق الأسود .. وقال : كفيته ..
ثم أراه r الأسود بن عبد يغوث .. فأومأ إلى رأسه .. وقال : كفيته ..
ثم أراه الحارث بن عيطل .. فأومأ إلى بطنه .. وقال : كفيته ..
ومر به العاص بن وائل .. فأومأ إلى أخمصه .. أسفل قدمه .. وقال : كفيته ..
فما مضى وقت ..
حتى نزلت العقوبات .. كما وصف جبريل عليه السلام ..
فأما الوليد .. فكان يمشي في طريق .. فمر برجل من قبيلة خزاعة قاعد يصلح سهاماً ونبلاً معه ..
فأصاب الرجل أصبع الوليد فقطعها .. ثم لم تمض أيام حتى مات ..
وأما الأسود بن عبد يغوث .. فخرج في رأسه قروح وجروح .. فمات منها ..
وأما الأسود ابن المطلب .. فعمي بصره ..
وكان سبب ذلك .. أنه نزل تحت شجرة .. مع أولاده ..
وفجأة جعل يقول : يا بني .. ألا تدفعون عني .. قد قُتلت ..
فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً ..
وجعل يقول : يا بني .. ألا تمنعون عني .. قد هلكت ! ها هو ذا الطعن بالشوك في عيني ..
فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً ..
فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه .. ولم يمض وقت حتى مات ..
وأما الحارث بن عيطل .. فأخذه الماء الأصفر في بطنه .. فانتفخ بطنه وكبر جداً ..
حتى خرج غائطه من فمه .. فمات ..
وأما العاص بن وائل .. فبينما هو في طريقه إلى الطائف .. على حمار ..
فربض به الحمار على شجرة شوك .. فدخلت شوكة في أخمص قدمه فقتلته .. (2)
وصدق الله ( إنا كفيناك المستهزئين ) ..
* * * * * * * *
إرسال الرياح والجنود على الأحزاب :
اجتمع آلاف الكفار لغزو المدينة النبوية في معركة الأحزاب ..
فعل النبي r وأصحابه ما في وسعهم .. لصد الأعداء عنهم ..
فإذا بالله تعالى يغار لأوليائه .. وينصرهم ..
وقال الله (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) ..
أرسل الله عليهم ريحاً أطفأت نيرانهم .. وكفأت قدورهم .. واقتلعت خيامهم .. وهدمت أبنيتهم .. وشردت خيولهم .. وفرقت إبلهم ..
وأرسل الله جنوداً من عنده لا تُرى بالأبصار .. فزلزلتهم .. حتى اضطروا للعودة من حيث جاءوا ..
وفكِّ الحصار عن المدينة النبوية ..
وأنزل الله تعالى ذكر هذه الحادثة ممتّنٍاً على المؤمنين ..
فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا(9)﴾ (الأحزاب:9).
* * * * * *
تأييده بالمطر
في غزوة بدر ..
ظهرت في غزوة بدر أحداث جسام .. وآيات باهرات .. وكرامات ظاهرات .. لجند الله الصادقين ..
تأييداً لهم .. وتثبيتاً لقلوبهم ..
فلقد كان المسلمون في تلك الغزوة في قلة من العدد .. ونقص من العتاد والسلاح ..
وأعداؤهم المشركون أكثر عدداً .. وأوفر سلاحاً .. وأشد حنكة ودراية بالحروب ..
فالكفار كانوا أكثر ممارسة للحروب .. وتجربة لها ..
وصل المشركون موقع بدر .. في موضع صلب ..
ونزل المسلمون في موقع بدر على كثيب رمال تسوخ فيه الأقدام ..
فأنزل الله المطر على الأرض التي فيها المسلمون .. حتى ثبتت عليه الأقدام .. وزالت عنهم وسوسة الشيطان ..
فشربوا واغتسلوا وتطهروا ..
وكان نزول المطر رحمة على المؤمنين .. ونقمة على المشركين ..
فأصبحت أقدام الأعداء تنزلق .. لأنهم كانوا في أرض سبخة .. يضرها وجود الماء ..
والمؤمنون في أرض طيبة .. لا غبار فيها ..
واشار الله تعالى إلى ذلك بقوله : ( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ) [الأنفال:11].
* * * * * *
( (1) ) رواه البخاري ومسلم ..
( (2) ) رواه رواه البيهقي بنحو من هذا السياق..[/size]