معلوماتنا تفيد أنكِ غير منضمه لأسرتنا المتواضعه

سجلي معنا ولن تندمي أبداً بإذن الله
معلوماتنا تفيد أنكِ غير منضمه لأسرتنا المتواضعه

سجلي معنا ولن تندمي أبداً بإذن الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل
شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Support

 

 شرح لاحاديث الاربعين النوويه

اذهب الى الأسفل 
+3
ام مي
الجوهرةالمكنونة
ام نبيل
7 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 08, 2011 12:10 pm

رقم الحديث الثاني و العشرون

عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضي اللهُ عَنْهُما أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال:
أَرَأَيْتَ إذَا صَلَّيْتُالصَّلَواِت الْمكْتُوباتِ، وَصُمْتُ رَمَضانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ على ذِلكَ شَيْئاً، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؟ قال: "نَعَمْ". رواه مسلم

وَمَعْنى حَرَّمْتُ الْحَرَامَ: اجْتَنَبْتُهُ، وَمَعْنى أَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ : فَعَلْتُهُ مُعْتَقِداً حِلَّهُ.

مفردات الحديث:

"
رجلاً": هو النعمان بن قوقل الخزاعي.
"
أرأيت": الهمزة للاستفهام، ورأى مأخوذة من الرأي، والمراد: أخبرني وأفتني.
"
المكتوبات": المفروضات، وهي الصلوات الخمس.
"
الحلال": هو المأذون في فعله شرعاً.
"
الحرام": كل ما منع الشرع من فعله على سبيل الحتم.
"
أأدخل الجنة ؟": مع السابقين، من غير سبق عذاب.

المعنى العام:

يحدثنا جابر رضي الله عنه عن ذلك المؤمن المتلهف إلى جنة عرضها السماوات والأرض أُعِدَّت للمتقين، إذ جاء يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريقها، ويستفتيه عن عمل يدخله فسيح رحابها، فيدله رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغيته، وتتحقق لها أمنيته.

التزام الفرائض وترك المحرمات أساس النجاة : لقد سأل النعمان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل إذا استمر في أداء الصلاة المفروضة عليه بقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]. أي فرضاً محدداً بوقت ؟.

ثم إذا أدرك شهر رمضان المفروض عليه صيامه بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] قام بصيامه، ملتزماً لآدابه ومراعياً لحرمته ؟ .

ثم وقف عند حدود الله تعالى فيما أحل أو حرم، فلم يحل حراماً ولم يحرم حلالاً، بل اعتقد حل ما أحله الله وحرمة ما حرمه، فاجتنب الحرام مطلقاً، وفعل من الحلال الواجب منه ؟.

سأل: هل إذا فعل ذلك كله، ولم يستزد من الفضائل المستحبة والمرغوب فيها

- كفعل النوافل وترك المكروهات، والتورع عن بعض المباحات أحياناً - هل يكفيه ذلك للنجاة عند الله تعالى ويدخله الجنة، التي هي منتهى أمله ومبتغاه، مع المقربين الأخيار والسابقين الأبرار، دون أن يمسه عذاب أو يناله عقاب؟.

ويجيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يطمئن نفسه، ويشرح صدره، ويفرح قلبه، ويشبع رغبته، ويحقق لهفته، فيقول له: "نعم".

أخرج النسائي وابن حبان والحاكم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما من عبد يُصلِّي الصلواتِ الخمس، ويصومُ رمضان، ويُخرجُ الزكاة، ويجتنبُ الكبائرَ السبع، إلا فُتحت له أبوابُ الجنة يدخل من أيها شاء". ثم تلا: {إن تجتنبوا كبائرَ ما تُنهون عنه نُكَفِّرْ عنكم سيئاتكم ونُدْخِلْكُم مُدْخلاً كريماً} [النساء: 31].

والكبائر السبع، هي: الزنا، وشرب الخمر، والسحر، والاتهام بالزنا لمن عُرِف بالعفة، والقتل العمد بغير ذنب، والتعامل بالربا، والفرار من وجه أعداء الإسلام في ميادين القتال.

وموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يدل على يسر الإسلام، وأن الله تعالى لم يكلف أحداً من خلقه ما فيه كلفة ومشقة، وهو سبحانه القائل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. فالتكاليف في الشريعة الإسلامية كلها متصفة باليسر، وضمن حدود الطاقة البشرية.

صدق المسلم وصراحته: إن النعمان رضي الله عنه كان مثال المؤمن الصريح بقلبه وقالبه، فهو لا يريد أن يتظاهر بالتقوى والصلاح مما ليس في نفسه أن يفعله، أو لا يقوم به فعلاً، بل هو إنسان يريد النجاة والفلاح، وهو على استعداد أن يلتزم كل ما من شأنه أن يوصله إلى ذلك.

الزكاة والحج فريضتان محكمتان: فالتزام هذين الركنين ممن وجبا عليه، شرط أساسي في نجاته من النار ودخوله الجنة دون عذاب.

ولم يذكرهما النعمان رضي الله عنه بخصوصهما - كما ذكر الصلاة والصوم - إما لأنهما لم يفرضا بعد، وإما لكونه غير مكلف بهما لفقره وعدم استطاعته، أو لأنهما يدخلان في تعميمه بعدُ بقوله: وأحللت الحلال وحرمت الحرام، فإنه يستلزم فعل الفرائض كلها، لأنها من الحلال الواجب، وتركها من الحرام الممنوع.

أهمية الصلاة والصيام: إن تصدير هذا السائل سؤاله بأداء الصلوات المفروضة، يدل دلالة واضحة على ما استقر في نفوس الصحابة رضي الله عنهم من تعظيم أمرها والاهتمام بها، وكيف لا ؟ وهي عماد الدين، وعنوان المسلم يؤديها في اليوم والليلة خمس مرات، محافظاً على أركانها وواجباتها، وسننها وآدابها. [انظر الحديث 3]

وأما الصوم: فهو في المرتبة الثانية بعد الصلاة، وإن كان لا يقل عنها في الفرضية، فقد أجمعت الأمة على أنه أحد أركان الإسلام التي عُلمت من الدين بالضرورة. [انظر الحديث 3]

فعل الواجب وترك المحرم وقاية من النار: الأصل في عبادة الله عز وجل المحافظة على الفرائض مع ترك المحرمات، فمن فعل ذلك فاز أيما فوز وأفلح أيما فلاح، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، شهدتُ أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصلَّيت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت شهر رمضان ؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من ماتَ على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصبَ أُصبعيه - ما لم يعقَّ والديه". يعق من العقوق، وهو عدم الإحسان إلى الوالدين كما أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى وكمال: والمسلم الذي يرجو النجاة، وتطمح نفسه إلى رفيع الدرجات عند الله عز وجل، لا يترك نافلة ولا يقرب مكروهاً، ولا يفرق فيما يطلب منه بين واجب أو مفروض أو مندوب، كما لا يفرق فيما نهي عنه بين محرم أو مكروه.

وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة يفعلون، لا يفرقون فيما أُمِروا به أو نُهُوا عنه، بل يلتزمون قول الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. رغبة في الثواب، وطمعاً في الرحمة والرضوان، وإشفاقاً من المعصية والحرمان.

ونحن إذ نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقر ذلك الصحابي على إعلانه: "والله لا أزيد على ذلك شيئاً "، ولا ينبهه إلى فضل الزيادة والتطوع، نعلم أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك تيسيراً عليه وتسهيلاً، وتعليماً للقادة والهداة إلى الله عز وجل: أن يبثُّوا روح الأمل في النفوس، وأن يتخلقوا بالسماحة والرفق، وتقريراً لما جاء به الإسلام من التيسير ورفع الحرج. على أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أن هذا المؤمن التقي حين يعبد الله عز وجل بما افترض عليه، ويصل به قلبه، ينشرح صدره، ويشعر باطمئنان نفسي ومتعة روحية، فيحمله كل ذلك على الشغف بالعبادة، والرغبة في الزيادة من مرضاة الله عز وجل، بأداء النوافل وترك المكروه.

التحليل والتحريم تشريع، لا يكون إلا لله تعالى: إن أصل الإيمان: أن يعتقد المسلم حِلَّ ما أحلَّه الله عز وجل وحرمة ما حرمه، سواء فعل المحرم أم ترك الحلال، فإن زعم إنسان لنفسه أنه يستطيع أن يحرم ما ثبت حله في شرع الله عز وجل، أو يحلل ما ثبتت حرمته، فإنه بذلك يتطاول على حق الله عز وجل، الذي له وحده سلطة التشريع، والتحليل والتحريم، فمن اعتقد أن له أن يشرع خلاف ما شرعه الله عز وجل، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يشرع بهواه دون التزام قواعد التشريع الإسلامي، فقد خرج عن الإسلام، وبرئ منه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]. وقد ثبت أنها نزلت في بعض الصحابة الذين أرادوا أن يحرموا على أنفسهم بعض الطيبات تقشفاً وزهداً، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : "لكني أُصلِّي وأنام، وأصومُ وأُفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". رواه البخاري ومسلم.

الحِنْث باليمين والبِرُّ به: من حلف أن يفعل خيراً وما فيه طاعة فالأفضل له البر بيمينه، أي أن يفعل ما حلف على فعله لقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] أي احفظوها عن أن تحنثوا فيها. ومن حلف على ترك واجب أو فعل معصية وجب عليه الحنث بيمينه، أي أن يخالف يمينه ولا يفعل ما أقسم على فعله، روى أبو داود وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"من حلف على معصية فلا يمين له".

وأفاد الحديث:

أن على المسلم أن يسأل أهل العلم عن شرائع الإسلام، وما يجب عليه وما يحلُّ له وما يحرم، إن كان يجهل ذلك، ليسيرَ على هدى في حياته : وتطمئنَ نفسُه لسلامة عمله.

كما أفاد: أن على المعلم أن يتوسع بالمتعلم : ويبشره بالخير، ويأخذه باليسر والترغيب.

ومن حلف على ترك خيرٍ غير واجب عليه، فالأفضل في حقه أن يحنث، لأنه خير له، روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمينٍ ورأى غيرها خيراً منها، فليأتِ الذي هو خير وليُكَفِّر عن يمينه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام مي
عضوه vib
عضوه vib
ام مي


بلد الإقامه : المملكة العربية السعودية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female62 عدد المساهمات : 9427
نقاط : 10857
التقييم : 55
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 42
المزاج : الحمد لله معتدل

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 09, 2011 2:17 pm

الحديث الثالث والعشرين "


(عَنْ أَبِي مَالِكٍ الحَارِثِ بنِ عَاصِم الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: )الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ، والحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الميزانَ، وسُبْحَانَ اللهِ والحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا( )

رواه مسلم.

للاستماع إلى الحديث صوتيّاً :

لتحميل الحديث ( نصّه وشرحه) على هيئة ملف وورد :



مـعنى الحـــديــث :

الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ: أي نصفه، وذلك أن الإيمان - كما يقولون - تخلية وتحلية .

التخلية: بالطهور، والتحلية: بفعل الطاعات.

فوجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان إما فعل وإما ترك.

والتّركُ تَطَهُّرٌ، والفعل إيجاد.

فقوله: "شَطْرُ الإِيْمَانِ" قيل في معناه: التخلي عن الإشراك
لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى:
(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس)(التوبة: الآية28)

فلهذا كان الطهور شطر الإيمان،
وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان،
لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور،
لكن المعنى الأول أحسن وأعمّ.



وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ : يعني قول القائل: الحمد لله يمتلئ الميزان بها،
أي الميزان الذي توزن به الأعمال كما قال الله عزّ وجل:
(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء:47)



وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ للهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ -: (أو) هذه شك من الراوي،
يعني هل قال: تملآن ما بين السماء والأرض،
أو قال:تملأ ما بين السماء والأرض.
والمعنى لا يختلف، ولكن لحرص الرواة على تحرّي الألفاظ يأتون بمثل هذا.

"سبحان الله والحمد لله": فيها نفي وإثبات.
النفي في قوله: "سُبْحَانَ اللهِ" أي تنزيهاً لله عزّ وجل عن كل ما لايليق به،

والذي ينزه الله تعالى عنه ثلاثة أشياء:

الأول: صفات النقص، فلا يمكن أن يتصف بصفة نقص.

الثاني: النقص في كماله، فكماله لايمكن أن يكون فيه نقص.

الثالث: مشابهة المخلوق.

ودليل الأول قول الله عزّ وجل: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (الفرقان:58)
فنفى عنه الموت لأنه نقص، وقوله: ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ)(البقرة: الآية255)
فنفى عنه السِّنَة والنوم لأنهما نقص.

ودليل الثاني: قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (قّ:38)
فخلق هذه المخلوقات العظيمة قد يوهم أن يكون بعدها نقص
أي تعب وإعياء فقال: (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ).

ودليل الثالث: قول الله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11)
حتى في الكمال الذي هوكمال في المخلوق فالله تعالى لا يماثله.

وَالحَمْدُ للهِ الحمد يكون على صفات الكمال، فالحمد هو وصف المحمود
بالكمال مع المحبة والتعظيم، فتكون هذه الجملة: "سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ"
فيها: نفي النقص بالأنواع الثلاثة، وإثبات الكمال.

"تَملآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ"
والذي بين السماء والأرض مسافة لايعلمها إلا الله عزّ وجل.



وَالصَّلاةُ نورٌ : أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب،
ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.

إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس
بأن قلبك استنار وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"



والصدقة برهان :الصدقة المفروضة والصدقة النافلة المستحبة ،
هي برهان أي دليل على الإيمان .
وجه ذلك: أن المال محبوب للنفوس، ولايبذل المحبوب إلا في
طلب ماهوأحب، وهذا يدلّ على إيمان المتصدق،
ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة برهاناً.



وَالصَّبرُ ضِيَاءٌ : الصبر: حبس النفس عما يجب الصبر عنه وعليه،
قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أنواع:

الأول: صبر عن معصية الله: بمعنى أن تحبس نفسك عن فعل
المحرّم حتى مع وجود السبب.

ومثاله: رجل حدثته نفسه أن يزني - والعياذ بالله -
فمنع نفسه، فنقول: هذا صبر عن معصية الله.

وكما جرى ليوسف عليه السلام مع امرأة العزيز، فإن امرأة العزيز
دعته إلى نفسها - والعياذ بالله - في حال هي أقوى ما يكون للإجابة،
لأنها غلّقت الأبواب وقالت: هيت لك، أي تدعوه إلى نفسها،
فقال: إنه ربي - أي سيدي _ أحسن مثواي إنه لايفلح الظالمون،
يعني فإن خنته في أهله فأنا ظالم،
ومن شدة الإلحاح همَّ بها كما قال الله عزّ وجل :
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يوسف: الآية24)
ولم يفعل مع قوة الداعي وانتفاء الموانع، فهذا صبر عن معصية الله .

وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلّهم الله
في ظله يوم لاظلّ إلا ظله، وذكر منهم:
"رَجُلاً دَعَتْهُ امرأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ"

الثاني: صبر على طاعة الله: بأن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة
كرجل أراد أن يصلي، فدعته نفسه إلى الكسل، أو إلى الفراش،
أو إلى الطعام الذي ليس بحاجة إليه،أو إلى محادثة الإخوان،
ولكنه ألزم نفسه بالقيام للصلاة، فهذا صبر على طاعة الله.

الثالث: صبر على أقدار الله: فإن الله تعالى يقدر للعبد ما يلائم الطبيعة وما لايلائم،
والذي لايلائم يحتاج إلى صبر، بأن يحبس نفسه عن التسخّط القلبي
أو القولي أو الفعلي إذا نزلت به مصيبة.

فإذا نزل بالعبد مصيبة فإنه يحبس قلبه عن التسخط القلبي،
وأن يقول إنه يرضى عن ربه عزّ وجل.

والتسخط اللساني: بأن لايدعو بالويل والثبور كما يفعل أهل الجاهلية.

والتسخط الفعلي: بأن لايشق الجيوب، ولايلطم الخدود، وما أشبه ذلك .

فهذا نسميه صبر على أقدار الله مع أنه كره أن يقع هذا الحادث.

وهناك مرتبة فوق الصبر وهي الرضا بأقدار الله، والرضا بأقدار
الله أكمل حالاً من الصبر على أقدار الله.

والفرق: أن الصابر قد تألّم قلبه وحزن وانكسر، لكن منع نفسه من الحرام.

والراضي: قلبه تابع لقضاء الله وقدره، فيرضى ما اختاره الله له ولايهمّه،
فهومتمشٍّ مع القضاء والقدر إيجاباً ونفياً.

ولهذا قال أهل العلم: إن الرضا أعلى حالاً من الصبر،
وقالوا: إن الصبر واجب والرضا مستحب.

وأي أنواع الصبر الثلاثة أفضل؟

نقول: أما من حيث هو صبر فالأفضل الصبر علىالطاعة،
لأن الطاعة فيها حبس النفس، وإتعاب البدن.

ثم الصبر عن المعصية، لأن فيه كفُّ النفس عن المعصية ثم
الصبر على الأقدار، لأن الأقدار لاحيلة لك فيها، فإما أن
تصبر صبر الكرام، وإما أن تسلو سُلُوَّ البهائم وتنسى المصيبة،
هذا من حيث الصبر.

أما من حيث الصابر: فأحياناً تكون معاناة الصبر عن المعصية
أشد من معاناة الصبر على الطاعة.

فلو أن رجلاً هُيئَ له شرب الخمر مثلاً، بل ودعي إلى ذلك وهو يشتهيه،
ويجد معاناةمن عدم الشرب، فهو أشد عليه من أن يصلي ركعتين لاشك.

كذلك لو كان شابّاً ودعته امرأة إلى نفسها، وهي جميلة، والمكان خالٍ،
والشروط متوفرة، فأبى، فهذا فيه صعوبة أصعب مما لو صلى عشرين ركعة،
فهنا قد نقول: ثواب الصبر عن المعصية هنا أعظم من ثواب الصبر
على الطاعة لما يجده هذا الإنسان من المعاناة . فيؤجر بحسب ماحصل له من المشقّة.

"وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ" ولم يقل: إنه نور، والصلاةقال: إنها نور. وذلك لأن الضياء فيه حرارة،
كما قال الله عزّ وجل: (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً )(يونس: الآية5) ففيه حرارة،
والصبر فيه حرارة ومرارة، لأنه شاق على الإنسان، ولهذا جعل الصلاة نوراً،
وجعل الصبر ضياءً لما يلابسه من المشقة والمعاناة.




والقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ اَو عَلَيْكَ : القرآن هو كلام الله عزّ وجل
الذي نزل به جبريل الأمين القوي على قلب النبي صلى الله عليه وسلم
من عند الله تعالى، لا تبديل فيه ولاتغيير، ولهذا وصف الله تعالى جبريل
الذي هو رسول الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم بأنه قوي أمين
كما قال الله عزّ وجل:
(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) [التكوير:19-21]
ليتبيّن أنه عليه السلام أمين على القرآن قوي علىحفظه وعدم التلاعب به.

هذا القرآن كلام الله عزّ وجل، تكلّم به حقيقة، وسمعه جبريل عليه السلام،
ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم .

هذا القرآن الكريم هو كلام الله لفظه ومعناه، فالأمر والنهي والخبر والاستخبار
والقصص كلها كلام الله عزّ وجل.

"القُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أَو عَليكَ" يكون حجة لك إذا قمت بما يجب له من نصيحة
وقد سبق في حديث تميم الداري رضي الله عنه النصيحة لله ولكتابه،
وسبق هناك شرح النصيحة للكتاب فليرجع إليه .

يكون القرآن حجة لك إذا نصحت له، ويكون حجة عليك إذا لم تنصح له.

مثال ذلك: قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )(البقرة: الآية43)
هنا رجلان: أحدهما لم يقم الصلاة فيكون القرآن حجة عليه، والثاني أقام الصلاة فيكون القرآن حجة له.
ورجل آخر لم يؤت الزكاة فالقرآن حجة عليه، والثاني آتى الزكاة فالقرآن حجة له.

وبهذه المناسبة أودّ أن أذكّر نفسي وإيّاكم بمسألة مهمة وهي:

كلنا يتوضّأ إذا أراد الصلاة،لكن أكثر الأحيان يريد الإنسان أن يقوم بشرط العبادة فقط،
وهذا لابأس، ويحصل به المقصود، لكنْ هناك شيء أعلى وأتم:

أولاً: إذا أردت أن تتوضأ استشعر أنك ممتثل لأمر الله في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(المائدة: الآية6)
حتى يتحقق لك معنى العبادة.

ثانياً: إذا توضأت استشعر أنك متبع رسول الله ،فإنه قال: "مَنْ تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ"
حينئذٍ يكون الإخلاص والمتابعة .

ثالثاً:احتسب الأجر على الله عزّ وجل بهذا الوضوء، لأن هذا الوضوء يكفر الخطايا،
فتخرج خطايا اليد مع آخر قطرة من قطرات الماء بعد غسل اليد، وهكذا البقية.

هذه المعاني الثلاثة العظيمة الجليلة أكثر الأحيان نغفل عنها، كذلك إذا أردت أن تصلي وقمت للصلاة
استشعر أمر الله بقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) [البقرة:43] ثم استشعر أنك تابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم
حيث قال: "صَلوا كَمَا رَأَيتُموني أُصَلي"ثم احتسب الأجر،لأن هذه الصلاة كفارة لما بينها وبين الصلاة الأخرى، وهلم جراً.

يفوتنا هذا كثيراً ولذلك تجدنا- نسأل الله أن يعاملنا بعفوه - لانصطبغ بآثار العبادة كما ينبغي
وإلا فنحن نشهد بالله أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولكن مَنْ مِنَ الناس إذا صلى تغير
فكره ونهته صلاته عن الفحشاء والمنكر؟! اللهم إلا قليل، لأن المعاني المقصودة مفقودة.



كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو: أي كل الناس يخرج مبكراً في الغدوة
في الصباح وهذا من باب ضرب المثل.

فَبَائِعٌ نَفْسَهُ: أي الغادي يبيع نفسه، ومعنى يبيع نفسه أنه
يكلفها بالعمل، لأنه إذا كلفها بالعمل أتعب النفس فباعها.

ينقسم هؤلاء الباعة إلى قسمين: معتق و موبق،ولهذا قال:

فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا: فيكون بيعه لنفسه إعتاقاً إذا قام بطاعة الله
كما قال الله عزّ وجل:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ)(البقرة: الآية207)
يشتري نفسه أي يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله عزّ وجل،
فهذا الذي باع نفسه ابتغاء مرضاة الله وقام بطاعته قد أعتقها من العذاب والنار.

والذي أوبقها هو الذي لم يقم بطاعة الله عزّ وجل حيث أمضى عمره خسراناً،
فهذا موبق لها أي مهلك لها.

لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة للقرآن
إلى من يكون القرآن حجة له، ومن يكون حجة عليه ذكر
أن العمل أيضاً قد يكون على الإنسان وقد يكون للإنسان،
فيكون للإنسان إذا كان عملاً صالحاً، ويكون عليه إذا كان عملاً سيئاً.

وانظر إلى هذا الحديث: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ" يتبين لك أن
الإنسان لابد أن يعمل إما خيراً وإما شراً.



من فــــوائــــد الحديــــث :

1. الحث على الطهور الحسي والمعنوي، وجه ذلك أنه قال: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ"

2. أن الإيمان يتبعض، فبعضه فعل وبعضه ترك، وهو كذلك.

3. فضيلة حمد الله عزّ وجل حيث قال: إنها تملأ الميزان.

4. إثبات الميزان، والميزان جاء ذكره في القرآن عدة مرات، جاء ذكره
مجموعاً وذكره مفرداً فقال الله عزّ وجل:(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) [الأنبياء:47]
وقال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) (القارعة:6)
وجاء ذكره في السنة صريحاً في قوله صلى الله عليه وسلم:
"كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلى اللِسانِ، ثَقِيلَتَانِ في المِيزَانِ، حَبيبَتَانِ إلى الرَّحمَنِ:
سُبحَانَ الله وَ بِحَمدِهِ سُبحَانَ الله العَظيم" وكذلك في هذ الحديث.

5. فضيلة الجمع بين سبحان الله والحمد لله لقوله
"سُبحَانَ الله وَ الحَمدُ لِلهِ تَملآنِ مَا بَينَ السَمَاءِ وَ الأَرضِ"
ووجه ذلك أن الجمع بينهما جمع بين نفي العيوب والنقائص وإثبات الكمالات.

ففي "سُبحَانَ الله" نفي العيوب والنقائص، وفي "الحَمدُ لِلهِ" إثبات الكمالات.

6. أن الصلاة نور ويتفرع على هذا:

الحث على كثرة الصلاة. ولكن يرد علينا أن كثيراً من المصلين
وكثيراً من الصلوات من المصلي الواحد لا يشعر الإنسان بأنها نور، فما الجواب؟

الجواب أن نقول: إن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا إشكال فيه،
لكن عدم استنارة القلب لخلل في السبب أو وجود مانع.

فمن خلط صلاته برياء فهنا خلل في السبب، لأنه لم يخلص.

ومن صلى لكن قلبه يتجول يميناً وشمالاً فهنا مانع يمنع من كمال
الصلاة فلا تحصل النتيجة، وقس على هذا كل شيء رتب الشرع
عليه حكماً وتخلف فاعلم أن ذلك إما لوجود مانع، أو لاختلال سبب،
وإلا فكلام الله عزّ وجل حق وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حق.

7. الحث على الصدقة، لقوله: "الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ".

8. أن بذل المحبوب يدل على صدق الباذل، والمحبوب الذي يُبذَل في الصدقة هو المال.

9. الحث على الصبر وأنه ضياء وإن كان فيه شيء من الحرارة، لكنه ضياء ونور لقوله: "وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ".

10. أن حامل القرآن إما غانم وإما غارم، وليس هناك مرتبة لا له ولا عليه،
إما للإنسان وإما على الإنسان، ويتفرع على هذه الفائدة:

أن يحاسب الإنسان نفسه هل عمل بالقرآن فيكون حجة له،أو لا، فيكون حجة عليه فليستعتب.

11.عظمة القرآن وأنه لن يضيع هكذا سدىً، بل إما للإنسان وإما على الإنسان.

12. بيان حال الناس وأن كل الناس يعملون من الصباح، وأنهم يبيعون أنفسهم،
فمن باعها بعمل صالح فقد أعتقها، ومن باعها بعمل شيء فقد أوبقها.

13. أن الحرية حقيقة هي القيام بطاعة الله عزّ وجل، وليس إطلاق الإنسان نفسه
ليعمل كل سيء أراده، قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:

هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان

فكل إنسان يفر من عبادة الله فإنه سيبقى في رق الشيطان .


والله الموفق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام مي
عضوه vib
عضوه vib
ام مي


بلد الإقامه : المملكة العربية السعودية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female62 عدد المساهمات : 9427
نقاط : 10857
التقييم : 55
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 42
المزاج : الحمد لله معتدل

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 09, 2011 2:20 pm

الحديث الرابع والعشرون


عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : (( يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي ، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي ، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم و آخر كم ,و إنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي ، لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي لو أن أولكم واخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خير فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )) رواه مسلم .



المفردات :

حرمت : منعت .
الظلم : وهو لغة وضع الشيء في غير موضعه .

على نفسي : فضلا مني ، وجود و إحسانا إلى عبادي ، فلا أعاقب البريء على ما لم يفعل من السيئات ، ولا أعاقب أحدا بذنب غيره ، ولا أنقص المحسن شيئا من جزاء حسناته ، ولا أحكم بين الناس إلا بالعدل والقسط .

وجعلته بينكم محرما : حكمت بتحريمه عليكم .

فلا تظالموا : بتشديد الظاء وبتخفيفها أصله تتظالموا ، لا يظلم بعضكم بعضا .

كلكم ضال : عن الحق لو ترك ، وما يدعوا الطبع من الراحة وإهمال الشرع .

إلا من هديته : وفقته لا متثال الأمر واحتناب النهي .

فاستهدوني : اطلبوا مني الدلالة على طريق الحق والإيصال إليها .

أهدكم : أنصب لكم أدلة ذلك الواضحة ، وأوفقكم لها .

فاستطعموني : اطلبوا مني الطعام .

تخطئون : بضم التاء على الرواية المشهورة ، وروي بفتحها وفتح الطاء : تأثمون .

وأنا أغفر الذنوب جميعا : غير الشرك وما لا يشاء مغفرته .

فاستغفروني : سلوني المغفرة ، وهي ستر الذنب ومحو أثره . وأمن عاقبته .

قاموا في صعيد واحد : في أرض واحدة ومقام واحد .

المخيط : بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الياء _ الإبرة .

أحصيها : أضبطها وأحفظها بعلمي وملائكتي .

أوفيكم إياها : أعطيكم جزاءها وافيا تاما .

فمن وجد خيرا : ثوابا ونعيما بأن وفق لأسبابهما . أو حياة طيبة هنيئة .

فليحمد الله : على توفيقه للطاعات التي ترتب عليها ذلك الخير والثواب ، فضلا منه ورحمة .

غير ذلك : شرا .

فلا يلومن إلا نفسه : فإنها آثرت شهواتها على رضا رازقها ، فكفرت بأنعمه ، ولم تذعن لأحكامه .



يستفاد منه :



1-تحريم الظلم ، وذلك متفق عليه في كل ملة ، لاتفاق سائر الملل على مراعاة حفظ النفس والأنساب والأعراض والعقول والأموال ، والظلم يقع في هذه أو بعضها ، وأعظم الظلم الشرك ، قال تعالى : ( إن الشرك لظلم عظيم) .

2-وجوب الإقبال على المولى في جميع ما ينزل بالإنسان لافتقار سائر الخلق إليه وعجزهم عن جلب منافعهم ودفع مضارهم إلا بتيسيره . فيجب إفراده بأنواع العبادة : من السؤال والتضرع والاستعانة وغيرها ، فإنه المتفرد بخلق العبد وبهدايته وبرزقه ، وإحيائه وإماتته ، ومغفرة ذنوبه .

3-كمال فعله تعالى لتنزيهه عن الظلم وكمال ملكه فلا يزاد بالطاعة ولا ينقص بالمعاصي . وكما غناه فإن خزائنه لا تنفد ولا تنقص بالعطاء . وكمال إحسانه إلى عباده فإنه يجب أن يسألوه جميع مصالحهم الدينية والدنيوية كما يسألونه الهداية والمغفرة ، فله تعالى الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله .

4-أن الأصل في التقوى والفجور هو القلوب ، فإذا بر القلب وأتقى برت الجوارح ، وإذا فجر القلب فجرت الجوارح .

5-أن الخير كله من فضل الله تعالى على عباده من غير استحقاق . والشر كله من عند ابن آدم من إتباع

هوى نفسه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 13, 2011 12:33 pm

شرح الحديث السادس


والعشرون


كثرة طرق الخير


الحديث السادس والعشرون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة وتميط الأذى عن الطريق صدقة)) رواه البخاري ومسلم

هذا الحديث خرجاه من رواية همام بن منبه عن أبي هريرة وخرجه البزار من رواية أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للإنسان ثلاثمائة وستون عظما أو ستة وثلاثون سلامي عليه في كل يوم صدقة قالوا فمن لم يجد قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قالوا فمن لم يستطع قال يرفع عظما عن الطريق قالوا فمن لم يستطع قال فليعن ضعيفا قالوا فمن لم يستطع ذلك قال فليدع الناس من شره‏
وخرج مسلم من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله ابن آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن ذكر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله وعزل حجرا عن طريق المسلمين أو عزل شوكة أو عزل عظما أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر عدد تلك الستين والثلاث المائة السلامي أمسى من يومه وقد زحزح نفسه من النار‏

وخرج مسلم أيضًا من رواية أبي الأسود الديلمي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامي أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزي من ذلك ركعتا الضحي يركعهما‏
وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا عليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة قالوا ومن يطيق ذلك يا نبي الله قال النخاعة في المسجد يدفنها والشيء ينحيه عن الطريق فإن لم يجد فركعتا الضحى يجزئك‏

وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل مسلم صدقة قالوا فإن لم يجد قال فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا فإن لم يستطع أو لم يفعل قال يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا فإن لم يفعل قال فليأمر بالمعروف قالوا فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر فإنه صدقة‏
وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل منسم من ابن آدم صدقة كل يوم فقال رجل من القوم ومن يطيق هذا قال أمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة والحمل على الضعيف صدقة وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة وخرجه البزار وغيره وفي مسنده رواية على كل ميسم من الإنسان صدقة كل يوم أو صلاة فقال رجل هذا أشد ما يتشابه فقال إن أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر صلاة أو صدقة وحملك عن الضعيف صلاة إنحاؤك القذر عن الطريق صلاة وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صلاة وفي رواية البزار وإماطة الأذى عن الطريق صدقة أو قال صلاة قال بعضهم يريد بالميسم كل عضو على حدة مأخوذ من الوسم وهو العلامة إذ ما من عظم ولا عرق ولا عصب إلا وعليه أثر صنع الله عز وجل فيجب على العبد الشكر على ذلك والحمد لله على خلقه سويا صحيحا وهذا هو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام كل يوم لأن الصلاة تحتوي على الحمد والشكر والثناء‏
وخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل سلامي أو على كل عضو من بني آدم في كل يوم صدقة ويجزي من ذلك كله ركعتا الضحي ويروى من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل نفس في كل يوم صدقة قيل فإن كان لا يجد شيئًا قال أليس بصيرا شهما فصيحا صحيحا قال بلى قال يعطي من قليلة وكثيرة وإن نصرك للمنقوص صدقة وإن سمعك للمنقوص سمعه صدقة وقد ذكرنا في شرح الحديث الماضي حديث أبي ذر الذي خرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس قيل يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها قال إن أبواب الخير لكثيرة التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل على حاجته وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك فقوله صلى الله عليه وسلم على كل سلامي من الناس عليه صدقة قال أبو عبيد السلامي في الأصل عظم يكون في فرسن البعير قال فكأن معنى الحديث على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة يشير أبو عبيد إلى أن السلامي اسم لبعض العظام الصغار التي في الإبل ثم عبر بها عن العظام في الجملة بالنسبة إلى الآدمي وغيره فمعنى الحديث عنده على كل عظم من عظام بني آدم صدقة وقال غيره السلامي عظم في طرف اليد والرجل وكني بذلك عن جميع عظام الجسد والسلامي جمع وقيل هو مفرد وقد ذكر علماء الطب أن جميع عظام البدن مائتان وثمانية وأربعون عظما تسمى السمسمانيات وبعضهم يقول هي ثلاثة مائة وستون عظما يظهر منها للحس مائتان وخمسة وستون عظما والباقية صغار لا تظهر وتسمى السمسمانية وهذه الأحاديث تصدق هذا القول ولعل السلامي عبر بها عن هذه العظام الصغار كما أنها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام ورواية البزار لحديث أبي هريرة يشهد بهذا حيث قال فيها أو ستة وثلاثون سلامي وقد خرجه غير البزار وقال فيه إن في ابن آدم ستمائة وستين عظما وهذه الرواية غلط وفي حديث عائشة وبريدة ذكر ثلاث مائة وستين مفصلا ومعنى الحديث أن تركب هذه العظام وسلامتها من أعظم نعم الله على عبده فيحتاج كل عظم منها إلى صدقة يتصدق ابن آدم عنه ليكون ذلك شكرا لهذه النعمة قال الله عز وجل ‏{‏يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ‏ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ‏ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ‏}‏ الانفطار وقال عز وجل ‏{‏قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ‏}‏ الملك وقال ‏{‏وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏ النحل وقال ‏{‏أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ‏ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ‏}‏ البلد‏

قال مجاهد هذه نعم من الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكر‏
وقرأ الفضل هذه الآية ليلة فبكى فسئل عن بكائه فقال هل بت ليلة شاكرًا لله أن جعل لك عينين تبصر بهما‏؟‏ هل بت ليلة شاكرًا لله أن جعل لك لسانًا تنطق به‏؟‏ وجعل يعدد من هذا الضرب‏
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلمان الفارسي قال إن رجلًا بسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه فجعل يحمد الله عز وجل ويثني عليه حتى لم يكن له فراش إلا بوري فجعل يحمد الله ويثني عليه وبسط للآخر من الدنيا فقال لصاحب البوري أرأيتك أنت على ما تحمد الله عز وجل قال أحمد الله على ما لو أعطيت به ما أعطى الخلق لم أعطهم إياه قال وما ذاك قال أرأيت بصرك أرأيت لسانك أرأيت يديك أرأيت رجليك وبإسناده عن أبي الدرداء أنه كان يقول الصحة غناء الجسد‏
وعن يونس بن عبيد أن رجلًا شكا إليه ضيق حاله فقال له يونس أيسرك أن لك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم قال الرجل لا قال فبيدك مائة ألف درهم قال لا قال فرجليك قال لا قال فذكره نعم الله عليه فقال يونس أرى عندك مئين ألوفًا وأنت تشكو الحاجة‏

وعن وهب بن منبه قال مكتوب في حكمة آل داود العافية الملك الخفي‏
وعن بكر المزني قال يا ابن آدم إن أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك وفي بعض الآثار كم من نعمة لله في عرق ساكن وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ فهذه النعم مما يسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة ويطالب بها كما قال تعالى ‏{‏ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏‏
وخرج الترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم فيقال له ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد‏
وقال ابن مسعود رضي الله عنه النعيم الأمن والصحة وروي عنه مرفوعًا وقال على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم التكاثر قال النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ‏{‏إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً‏}‏‏

وخرج الطبراني من رواية أيوب بن عقبة وفيه ضعف عن عطاء عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله ومن قال سبحان الله وبحمده كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة فقال رجل كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله قال إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول الله برحمته وروي ابن أبي الدنيا بإسناد فيه ضعف أيضًا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤتى بالنعم يوم القيامة وبالحسنات والسيئات فيقول الله لنعمة من نعمه خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنة إلا ذهبت بها وبإسناده عن وهب بن منبه قال عبدالله عابد خمسين عامًا فأوحى الله عز وجل إني قد غفرت لك قال يا رب وما تغفر لي ولم أذنب فأذن الله عز وجل لعرق في عنقه فضرب عليه فلم ينم ولم يصل ثم سكن وقام فأتاه ملك فشكا إليه ما لقي من ضربات العرق فقال الملك إن ربك عز وجل يقول عبادتك خمسين سنة لم تعدل سكون ذلك العرق‏
وخرج الحاكم هذا المعنى مرفوعًا من رواية سلمان بن هرم الفرشي عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبرائيل أخبره أن عابدا عبدالله على رأس جبل في البحر خمسمائة سنة ثم سأل ربه أن يقبضه وهو ساجد قال فنحن نمن عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا ونجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول الله عز وجل ادخلو عبدي الجنة برحمتي فيقول العبد يا رب بعملي ثلاث مرات ثم يقول الله للملائكة قيسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله فيجدون نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعم الجسد له فيقول أدخلوا عبدي النار فيجر إلى النار فينادي ربه برحمتك أدخلني الجنة برحمتك أدخلني الجنة فيدخله الجنة قال جبرائيل إنما الأشياء برحمة الله يا محمد وسلمان بن هرم قال العقيلي هو مجهول وحديثه غير محفوظ وروى الخرائطي بإسناد فيه نظر عن عبدالله بن عمرو مرفوعًا يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول للملائكة انظروا في عمل عبدي ونعمتي عليه فينظرون فيقولون ولا بقدر نعمة واحدة من نعمك عليه فيقول انظروا في عمله سيئه وصالحه فينظرون فيجدونه كفافا فيقول عبدي قد قبلت حسناتك وغفرت سيئاتك وقد وهبت لك نعمتي فيما بين ذلك والمقصود أن الله تعالى أنعم على عباده بما لا يحصونه كما قال تعالى ‏{‏وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا‏}‏ إبراهيم النحل وطلب منهم الشكر والرضا به منهم قال سليمان التيمي إن الله أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم حتى رضي منهم من الشكر بالاعتراف بقلوبهم بنعمه وبالحمد بألسنتهم عليها كما خرجه أبو داود والنسائي من حديث عبدالله بن غنام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر ذلك اليوم ومن قالها حين يمسي أدى شكر ليلته وفي رواية النسائي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما‏

وخرج الحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أنعم الله على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله شكرها قبل أن يشكرها وما أذنب عبد ذنبا فندم عليه إلا كتب الله له مغفرته قبل أن يستغفره وقال أبو عمرو الشيباني قال موسى عليه الصلاة والسلام يوم الطور يا رب إن أنا صليت فمن قبلك وإن أنا تصدقت فمن قبلك وإن أنا بلغت رسالتك فمن قبلك فكيف أشكرك قال الآن شكرتني وعن الحسن قال قال موسى عليه السلام يا رب كيف يستطيع ابن آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسكنته جنتك وأمرت الملائكة فسجدوا له فقال يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني عليه فكان ذلك شكرا لما صنعته وعن أبي الجلد قال قرأت في مسئلة داود عليه السلام أنه قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك قال فأتاه الوحي أن يا داود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني قال بلى قال فإني أرضى بذلك منك شكرا قال وقرأت في مسئلة موسى عليه السلام قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازى بها عملي كله قال فأتاه الوحي قال يا موسى الآن شكرتني وقال أبو بكر بن عبدالله ما قال عبد قط الحمد لله مرة إلا وجبت عليه نعمة بقوله الحمد لله فما جزى تلك النعمة جزاءها أن يقول الحمد لله فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد نعماء الله وقد روى ابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ وروينا نحوه من حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا أيضًا وروي هذا عن الحسن البصري من قوله وكتب بعض عمال عمر بن عبدالعزيز إليه إني بأرض قد كثرت فيها النعم حتى لقد أشفقت على أهلها من ضعف الشكر فكتب إليه عمر إني قد كنت أراك أعلم بالله لما أنت إن الله لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل قال الله تعالى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ النمل وقال تعالى ‏{‏وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا‏}‏ إلى قوله ‏{‏وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ‏}‏ الزمر أي نعمة أفضل من دخول الجنة وقد ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر عن بعض العلماء أنه صوب هذا القول أعني قول من قال إن الحمد أفضل من النعمة وعن ابن عيينة أنه خطأ قائله وقال لا يكون فعل العبد أفضل من فعل الرب عز وجل ولكن الصواب قول من صوبه فإن المراد بالنعم النعم الدنيوية كالعافية والرزق والصحة ودفع المكروه ونحو ذلك والحمد لله هو من النعم الدينية وكلاهما نعمة من الله لكن نعمة الله على عبده بهدايته لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من النعمة الدنيوية على عبده فإن النعم الدنيوية إن لم يقترن بها الشكر كانت بلية كما قال أبو حازم كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية فإذا وفق الله عبده للشكر على نعمه الدنيوية بالحمد أو غيره من أنواع الشكر كانت هذه النعمة خيرًا من تلك النعم وأحب إلى الله عز وجل فإن الله يحب المحامد ويرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها والثناء بالنعم والحمد عليها وشكرها عند أهل الجود والكرم أحب إليهم من أموالهم فهم يبذلونها طلبا للثناء والله عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين فهو يبذل نعمه لعباده ويطلب منهم الثناء بها وذكرها منهم والحمد عليها ويرضى منهم بذلك شكرا عليها وإن كان ذلك كله من فضله عليهم وهو غير محتاج إلى شكرهم لكنه يحب ذلك من عباده حيث كان صلاح العبد وفلاحه وكماله فيه ومن فضله سبحانه أنه نسب الحمد والشكر إليهم وإن كان من أعظم نعمه عليهم وهذا كما أنه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال واستقرض منهم بعضه ومدحهم بإعطائه والكل ملكه ومن فضله ولكن كرمه اقتضى ذلك‏

ومن هنا يعلم معنى الأثر الذي جاء مرفوعًا وموقوفا الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده ولنرجع الآن إلى تفسير حديث كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعني أن الصدقة على ابن آدم من هذه الأعضاء في كل يوم من أيام الدنيا فإن اليوم قد يعبر به عن مدة أزيد من ذلك كما يقال يوم صفين وكانت مدة أيام وعن مطلق الوقت كما قال تعالى ‏{‏أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ‏}‏ هود‏
وقد يكون ذلك ليلًا ونهارًا فإذا قيل كل يوم تطلع فيه الشمس علم أن هذه الصدقة على ابن آدم في كل يوم يعيش فيه من أيام الدنيا وظاهر الحديث يدل على أن هذا الشكر بهذه الصدقة واجب على المسلم كل يوم ولكن الشكر على درجتين إحداهما واجب وهو أن يأتي بالواجبات ويتجنب المحرمات فهذا لا بد منه ويكفي في شكر هذه النعم ويدل على ذلك ما خرجه أبو داود من حديث أبي الأسود الديلي قال كنا عند أبي ذر فقال يصبح على كل سلامي من أحدكم في كل يوم صدقة فله بكل صلاة صدقة وصيام صدقة وحج صدقة وتسبيح صدقة وتكبير وتحميد صدقة فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأعمال الصالحات وقال يجزيء أحدكم من ذلك ركعتا الضحى وقد تقدم في حديث أبي موسى المخرج في الصحيحين فإن لم يفعل فليمسك عن الشر فإنه له صدقة وهذا يدل على أنه يكفيه أن لا يفعل شيئًا من الشر وإنما يكون مجتنبا للشر إذا قام بالفرائض واجتنب المحارم فإن أعظم الشر ترك الفرائض ومن هنا قال بعض السلف الشكر ترك المعاصي قال بعضهم الشكر أن لا يستعان بشيء من النعم على معصيته وذكر أبو حازم الزاهد شكر الجوارح كلها أن تكف عن المعاصي وتستعمل في الطاعات ثم قال وأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه فلم يلبسه فلم ينفعه ذلك من البرد والحر والثلج والمطر وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم لينظر العبد في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك وليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله عز وجل حق على العبد أن يعمل بالنعمة التي في بدنه لله عز وجل في طاعته ونعمة أخرى في الرزق حق عليه أن يعمل لله عز وجل فيما أنعم عليه من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان قد أخذ بحزم الشكر وأصله وفرعه ورأى الحسن رجلًا يتبختر في مشيه فقال لله في كل عضو منه نعمة اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك الدرجة الثانية من الشكر الشكر المستحب وهو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات وهذه درجة السابقين المقربين وهي التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث التي سبق ذكرها، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في الصلاة ويقوم حتى تنفطر قدماه فإذا قيل لم تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول أفلا أكون عبدًا شكورا وقال بعض السلف لما قال الله عز وجل ‏{‏اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا‏}‏ سبأ لم يأت عليهم ساعة من ليل أو نهار إلا وفيهم مصل يصلي وهذا مع أن بعض الأعمال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم واجب إما على الأعيان كالمشي إلى الصلاة عند من يرى وجوب الصلاة في الجماعات في المساجد وإما على الكفاية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإغاثة اللهفان والعدل بين الناس إما في الحكم بينهم أو في الإصلاح‏

فقد روي من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصدقة إصلاح ذات البين وهذه الأنواع التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة منها ما نفعه متعد كالإصلاح وإعانة الرجل على دابته بحمله عليها لرفع متاعه عليها والكلمة الطيبة ويدخل فيها السلام وتشميت العاطس وإزالة الأذى عن الطريق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفن النخاعة في المسجد وإعانة ذي الحاجة الملهوف وإسماع الأصم وتبصير المنقوص بصره وهداية الأعمى أو غيره الطريق وجاء في بعض رواية أبي ذر وبيانك عن الأرتم صدقة يعني من لا يطيق الكلام إما لآفة في لسانه أو لعجمة في لغته فبين عنه ما يحتاج إلى بيانه ومنه ما هو قاصر النفع كالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والمشي إلى الصلاة وصلاة ركعتي الضحى وإنما كانتا مجزئتين عن ذلك كله لأن في الصلاة استعمال الأعضاء كلها في الطاعة والعبادة فتكون كافية في شكر سلامي هذه الأعضاء وبقية كلام هذه الخصال المذكورة أكثرها استعمال لبعض أعضاء البدن خاصة فلا تكمل الصدقة بها حتى يأتي منها بعدد سلامي البدن وهي ثلاثمائة وستون كما في حديث عائشة رضي الله عنها وعن أبويها‏
وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتدرون أي الصدقة أفضل أو أخير قالوا الله ورسوله أعلم قال المنحة تمنح أخاك الدراهم أو ظهر دابة أو لبن الشاة أو لبن البقرة والمراد بمنحة الدراهم قرضها ومنحة ظهر الدابة إفقارها وهو إعارتها لمن يركبها ومنحة لبن الشاة أو البقرة أن تمنحه بقرة أو شاة يشرب لبنها ثم يعيدها إليه وإذا أطلقت المنيحة لم تنصرف إلا إلى هذا وخرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من منح لبن أو ورق أو أهدي زقاقا كان له مثل عتق رقبة وقال الترمذي معنى قوله من منح منحة لبن أو ورق إنما يعني به قرض الدراهم، وقوله وأهدي زقاقا إنما يعني به هداية الطريق وهو إرشاد السبيل وخرجه البخاري من حديث حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي قال سمعت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون خصلة أعلاها منحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها أو تصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة قال حسان بن عطية فعددنا ما دون منحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق الإبل حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنحتها وحمل عليها في سبيل الله‏

وخرج الإمام أحمد من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل معروف صدقة ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وأن تفرغ من دلوك في إنائه‏
وخرج الحاكم وغيره بزيادات وهي ما أنفق المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقى به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة أنفقها المؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان‏

وفي المسند عن أبي جري الجهني قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المعروف فقال لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك بوجه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض ومن أنواع الصدقة كف الأذى عن الناس باليد واللسان كما في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قلت أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال فكف شرك عن الناس فإنها صدقة وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله دلني على عمل إذا عمل به العبد دخل به الجنة قال يؤمن بالله قال قلت يا رسول الله إن مع الإيمان عملًا قال يرضخ مما رزقه الله قلت فإن كان معدما لا شيء له قال يقول قولًا معروفا بلسانه قلت فإن كان عييا لا يبلغ عنه لسانه قال فيعين مغلوبا قلت فإن كان ضعيفا لا قدرة له قال فليصنع لأخرق قلت فإن كان أخرق فالتفت إلى فقال ما تريد أن تدع في صاحبك شيئًا من الخير فليدع الناس من أذاه قلت يا رسول الله إن هذا كله ليسير قال والذي نفسي بيده ما من عبد يعمل بخصلة منها يريد ما عند الله إلا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنة فاشترط في هذا الحديث لهذه الأعمال كلها إخلاص النية كما في حديث عبدالله بن عمرو الذي فيه ذكر الأربعين خصلة وهذا كما في قوله عز وجل ‏{‏لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا‏}‏ النساء‏
وقد روي عن الحسن وابن سيرين أن فعل المعروف يؤجر عليه وإن لم يكن له فيه نية سئل الحسن عن الرجل يسأله آخر حاجة وهو يبغضه فيعطيه حياء هل له فيه أجر فقال إن ذلك لمن المعروف وإن في المعروف لأجرًا خرجه حميد بن زنجويه‏
وسئل ابن سيربن عن الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حسبة يتبعها حياء من أهلها أله في ذلك أجر فقال أجر واحد بل له أجران أجر الصلاة على أخيه وأجر لصلته الحي خرجه أبو نعيم في الحلية ومن أنواع الصدقة أداء حقوق المسلم على المسلم بعضها مذكور في الأحاديث الماضية‏

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنازة وإجابة الدعوة وتشميت العاطس‏
وفي رواية لمسلم للمسلم على المسلم ست قيل ما هن يا رسول الله قال إذا لقيته تسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فانبعثه‏

وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع بعيادة المريض وأتباع الجنائز وتشميت العاطس وإبرار القسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام‏

وفي رواية لمسلم وإرشاد الضال بدل إبرار القسم ومن أنواع الصدقة المشي بحقوق الآدميين الواجبة إليهم قال ابن عباس رضي الله عنهما من مشى بحق أخيه إليه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة ومنها إنظار المعسر‏
وفي المسند وسنن ابن ماجه عن بريدة مرفوعًا من أنظر معسرا فله كل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثله صدقة ومنها الإحسان إلى البهائم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن سقيها قال في كل كبد رطبة أجر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بغيا سقت كلبا يلهث من العطش فغفر لها وأما الصدقة القاصرة على نفس العامل فمثل أنواع الذكر من التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تلاوة القرآن والمشي إلى المساجد والجلوس فيها لانتظار الصلاة أو لاستماع الذكر ومن ذلك التواضع في اللباس والمشي والهدي والتبذل في المهنة واكتساب الحلال والتحري فيه ومنها أيضًا محاسبة النفس على ما سلف من أعمالها والندم والتوبة من الذنوب السالفة والحزن عليها واحتقار النفس والازدراء بها ومقتها في الله عز وجل والبكاء من خشية الله تعالى والتفكر في ملكوت السموات والأرض وفي أمور الآخرة ومافيها من الوعد والوعيد ونحو ذلك مما يزيد الإيمان في القلب وينشأ عنه كثير من أعمال القلوب كالخشية والمحبة والرجاء والتوكل وغير ذلك وقد قيل إن هذا التفكر أفضل من نوافل الأعمال البدنية روي ذلك عن غير واحد من التابعين منهم سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبدالعزيز وفي كلام الإمام أحمد ما يدل عليه وقال كعب لأن أبكي من خشية الله أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 13, 2011 12:44 pm


الحديث السادس والعشرون: كثرة طرق الخير




استمع إلى الحديث السادس والعشرون كثرة طرق الخير بصوت حمد الدريهم



شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 26

عَنْ أَبي هُريرة رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ؛ تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ , وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ }.
رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.





شروح حديث
كثرة طرق الخير

هذا الحديث خرجاه من رواية همام بن منبه عن أبي هريرة وخرجه البزار من رواية أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للإنسان ثلاثمائة وستون عظما أو ستة وثلاثون سلامي عليه في كل يوم صدقة قالوا فمن لم يجد قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قالوا فمن لم يستطع قال يرفع عظما عن الطريق قالوا فمن لم يستطع قال فليعن ضعيفا قالوا فمن لم يستطع ذلك قال فليدع الناس من شره‏
وخرج مسلم من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله ابن آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن ذكر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله وعزل حجرا عن طريق المسلمين أو عزل شوكة أو عزل عظما أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر عدد تلك الستين والثلاث المائة السلامي أمسى من يومه وقد زحزح نفسه من النار‏

وخرج مسلم أيضًا من رواية أبي الأسود الديلمي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامي أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزي من ذلك ركعتا الضحي يركعهما‏
وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا عليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة قالوا ومن يطيق ذلك يا نبي الله قال النخاعة في المسجد يدفنها والشيء ينحيه عن الطريق فإن لم يجد فركعتا الضحى يجزئك‏

وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل مسلم صدقة قالوا فإن لم يجد قال فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا فإن لم يستطع أو لم يفعل قال يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا فإن لم يفعل قال فليأمر بالمعروف قالوا فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر فإنه صدقة‏
وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل منسم من ابن آدم صدقة كل يوم فقال رجل من القوم ومن يطيق هذا قال أمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة والحمل على الضعيف صدقة وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة وخرجه البزار وغيره وفي مسنده رواية على كل ميسم من الإنسان صدقة كل يوم أو صلاة فقال رجل هذا أشد ما يتشابه فقال إن أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر صلاة أو صدقة وحملك عن الضعيف صلاة إنحاؤك القذر عن الطريق صلاة وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صلاة وفي رواية البزار وإماطة الأذى عن الطريق صدقة أو قال صلاة قال بعضهم يريد بالميسم كل عضو على حدة مأخوذ من الوسم وهو العلامة إذ ما من عظم ولا عرق ولا عصب إلا وعليه أثر صنع الله عز وجل فيجب على العبد الشكر على ذلك والحمد لله على خلقه سويا صحيحا وهذا هو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام كل يوم لأن الصلاة تحتوي على الحمد والشكر والثناء‏
وخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل سلامي أو على كل عضو من بني آدم في كل يوم صدقة ويجزي من ذلك كله ركعتا الضحي ويروى من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل نفس في كل يوم صدقة قيل فإن كان لا يجد شيئًا قال أليس بصيرا شهما فصيحا صحيحا قال بلى قال يعطي من قليلة وكثيرة وإن نصرك للمنقوص صدقة وإن سمعك للمنقوص سمعه صدقة وقد ذكرنا في شرح الحديث الماضي حديث أبي ذر الذي خرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس قيل يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها قال إن أبواب الخير لكثيرة التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل على حاجته وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك فقوله صلى الله عليه وسلم على كل سلامي من الناس عليه صدقة قال أبو عبيد السلامي في الأصل عظم يكون في فرسن البعير قال فكأن معنى الحديث على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة يشير أبو عبيد إلى أن السلامي اسم لبعض العظام الصغار التي في الإبل ثم عبر بها عن العظام في الجملة بالنسبة إلى الآدمي وغيره فمعنى الحديث عنده على كل عظم من عظام بني آدم صدقة وقال غيره السلامي عظم في طرف اليد والرجل وكني بذلك عن جميع عظام الجسد والسلامي جمع وقيل هو مفرد وقد ذكر علماء الطب أن جميع عظام البدن مائتان وثمانية وأربعون عظما تسمى السمسمانيات وبعضهم يقول هي ثلاثة مائة وستون عظما يظهر منها للحس مائتان وخمسة وستون عظما والباقية صغار لا تظهر وتسمى السمسمانية وهذه الأحاديث تصدق هذا القول ولعل السلامي عبر بها عن هذه العظام الصغار كما أنها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام ورواية البزار لحديث أبي هريرة يشهد بهذا حيث قال فيها أو ستة وثلاثون سلامي وقد خرجه غير البزار وقال فيه إن في ابن آدم ستمائة وستين عظما وهذه الرواية غلط وفي حديث عائشة وبريدة ذكر ثلاث مائة وستين مفصلا ومعنى الحديث أن تركب هذه العظام وسلامتها من أعظم نعم الله على عبده فيحتاج كل عظم منها إلى صدقة يتصدق ابن آدم عنه ليكون ذلك شكرا لهذه النعمة قال الله عز وجل ‏{‏يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ‏ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ‏ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ‏}‏ الانفطار وقال عز وجل ‏{‏قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ‏}‏ الملك وقال ‏{‏وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏ النحل وقال ‏{‏أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ‏ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ‏}‏ البلد‏

قال مجاهد هذه نعم من الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكر‏
وقرأ الفضل هذه الآية ليلة فبكى فسئل عن بكائه فقال هل بت ليلة شاكرًا لله أن جعل لك عينين تبصر بهما‏؟‏ هل بت ليلة شاكرًا لله أن جعل لك لسانًا تنطق به‏؟‏ وجعل يعدد من هذا الضرب‏
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلمان الفارسي قال إن رجلًا بسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه فجعل يحمد الله عز وجل ويثني عليه حتى لم يكن له فراش إلا بوري فجعل يحمد الله ويثني عليه وبسط للآخر من الدنيا فقال لصاحب البوري أرأيتك أنت على ما تحمد الله عز وجل قال أحمد الله على ما لو أعطيت به ما أعطى الخلق لم أعطهم إياه قال وما ذاك قال أرأيت بصرك أرأيت لسانك أرأيت يديك أرأيت رجليك وبإسناده عن أبي الدرداء أنه كان يقول الصحة غناء الجسد‏
وعن يونس بن عبيد أن رجلًا شكا إليه ضيق حاله فقال له يونس أيسرك أن لك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم قال الرجل لا قال فبيدك مائة ألف درهم قال لا قال فرجليك قال لا قال فذكره نعم الله عليه فقال يونس أرى عندك مئين ألوفًا وأنت تشكو الحاجة‏

وعن وهب بن منبه قال مكتوب في حكمة آل داود العافية الملك الخفي‏
وعن بكر المزني قال يا ابن آدم إن أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك وفي بعض الآثار كم من نعمة لله في عرق ساكن وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ فهذه النعم مما يسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة ويطالب بها كما قال تعالى ‏{‏ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏‏
وخرج الترمذي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم فيقال له ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد‏
وقال ابن مسعود رضي الله عنه النعيم الأمن والصحة وروي عنه مرفوعًا وقال على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم التكاثر قال النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ‏{‏إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً‏}‏‏

وخرج الطبراني من رواية أيوب بن عقبة وفيه ضعف عن عطاء عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله ومن قال سبحان الله وبحمده كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة فقال رجل كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله قال إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول الله برحمته وروي ابن أبي الدنيا بإسناد فيه ضعف أيضًا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤتى بالنعم يوم القيامة وبالحسنات والسيئات فيقول الله لنعمة من نعمه خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنة إلا ذهبت بها وبإسناده عن وهب بن منبه قال عبدالله عابد خمسين عامًا فأوحى الله عز وجل إني قد غفرت لك قال يا رب وما تغفر لي ولم أذنب فأذن الله عز وجل لعرق في عنقه فضرب عليه فلم ينم ولم يصل ثم سكن وقام فأتاه ملك فشكا إليه ما لقي من ضربات العرق فقال الملك إن ربك عز وجل يقول عبادتك خمسين سنة لم تعدل سكون ذلك العرق‏
وخرج الحاكم هذا المعنى مرفوعًا من رواية سلمان بن هرم الفرشي عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبرائيل أخبره أن عابدا عبدالله على رأس جبل في البحر خمسمائة سنة ثم سأل ربه أن يقبضه وهو ساجد قال فنحن نمن عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا ونجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول الله عز وجل ادخلو عبدي الجنة برحمتي فيقول العبد يا رب بعملي ثلاث مرات ثم يقول الله للملائكة قيسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله فيجدون نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعم الجسد له فيقول أدخلوا عبدي النار فيجر إلى النار فينادي ربه برحمتك أدخلني الجنة برحمتك أدخلني الجنة فيدخله الجنة قال جبرائيل إنما الأشياء برحمة الله يا محمد وسلمان بن هرم قال العقيلي هو مجهول وحديثه غير محفوظ وروى الخرائطي بإسناد فيه نظر عن عبدالله بن عمرو مرفوعًا يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول للملائكة انظروا في عمل عبدي ونعمتي عليه فينظرون فيقولون ولا بقدر نعمة واحدة من نعمك عليه فيقول انظروا في عمله سيئه وصالحه فينظرون فيجدونه كفافا فيقول عبدي قد قبلت حسناتك وغفرت سيئاتك وقد وهبت لك نعمتي فيما بين ذلك والمقصود أن الله تعالى أنعم على عباده بما لا يحصونه كما قال تعالى ‏{‏وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا‏}‏ إبراهيم النحل وطلب منهم الشكر والرضا به منهم قال سليمان التيمي إن الله أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم حتى رضي منهم من الشكر بالاعتراف بقلوبهم بنعمه وبالحمد بألسنتهم عليها كما خرجه أبو داود والنسائي من حديث عبدالله بن غنام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر ذلك اليوم ومن قالها حين يمسي أدى شكر ليلته وفي رواية النسائي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما‏

وخرج الحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أنعم الله على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله شكرها قبل أن يشكرها وما أذنب عبد ذنبا فندم عليه إلا كتب الله له مغفرته قبل أن يستغفره وقال أبو عمرو الشيباني قال موسى عليه الصلاة والسلام يوم الطور يا رب إن أنا صليت فمن قبلك وإن أنا تصدقت فمن قبلك وإن أنا بلغت رسالتك فمن قبلك فكيف أشكرك قال الآن شكرتني وعن الحسن قال قال موسى عليه السلام يا رب كيف يستطيع ابن آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسكنته جنتك وأمرت الملائكة فسجدوا له فقال يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني عليه فكان ذلك شكرا لما صنعته وعن أبي الجلد قال قرأت في مسئلة داود عليه السلام أنه قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك قال فأتاه الوحي أن يا داود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني قال بلى قال فإني أرضى بذلك منك شكرا قال وقرأت في مسئلة موسى عليه السلام قال يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازى بها عملي كله قال فأتاه الوحي قال يا موسى الآن شكرتني وقال أبو بكر بن عبدالله ما قال عبد قط الحمد لله مرة إلا وجبت عليه نعمة بقوله الحمد لله فما جزى تلك النعمة جزاءها أن يقول الحمد لله فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد نعماء الله وقد روى ابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ وروينا نحوه من حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا أيضًا وروي هذا عن الحسن البصري من قوله وكتب بعض عمال عمر بن عبدالعزيز إليه إني بأرض قد كثرت فيها النعم حتى لقد أشفقت على أهلها من ضعف الشكر فكتب إليه عمر إني قد كنت أراك أعلم بالله لما أنت إن الله لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل قال الله تعالى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ النمل وقال تعالى ‏{‏وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا‏}‏ إلى قوله ‏{‏وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ‏}‏ الزمر أي نعمة أفضل من دخول الجنة وقد ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر عن بعض العلماء أنه صوب هذا القول أعني قول من قال إن الحمد أفضل من النعمة وعن ابن عيينة أنه خطأ قائله وقال لا يكون فعل العبد أفضل من فعل الرب عز وجل ولكن الصواب قول من صوبه فإن المراد بالنعم النعم الدنيوية كالعافية والرزق والصحة ودفع المكروه ونحو ذلك والحمد لله هو من النعم الدينية وكلاهما نعمة من الله لكن نعمة الله على عبده بهدايته لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من النعمة الدنيوية على عبده فإن النعم الدنيوية إن لم يقترن بها الشكر كانت بلية كما قال أبو حازم كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية فإذا وفق الله عبده للشكر على نعمه الدنيوية بالحمد أو غيره من أنواع الشكر كانت هذه النعمة خيرًا من تلك النعم وأحب إلى الله عز وجل فإن الله يحب المحامد ويرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها والثناء بالنعم والحمد عليها وشكرها عند أهل الجود والكرم أحب إليهم من أموالهم فهم يبذلونها طلبا للثناء والله عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين فهو يبذل نعمه لعباده ويطلب منهم الثناء بها وذكرها منهم والحمد عليها ويرضى منهم بذلك شكرا عليها وإن كان ذلك كله من فضله عليهم وهو غير محتاج إلى شكرهم لكنه يحب ذلك من عباده حيث كان صلاح العبد وفلاحه وكماله فيه ومن فضله سبحانه أنه نسب الحمد والشكر إليهم وإن كان من أعظم نعمه عليهم وهذا كما أنه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال واستقرض منهم بعضه ومدحهم بإعطائه والكل ملكه ومن فضله ولكن كرمه اقتضى ذلك‏

ومن هنا يعلم معنى الأثر الذي جاء مرفوعًا وموقوفا الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده ولنرجع الآن إلى تفسير حديث كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعني أن الصدقة على ابن آدم من هذه الأعضاء في كل يوم من أيام الدنيا فإن اليوم قد يعبر به عن مدة أزيد من ذلك كما يقال يوم صفين وكانت مدة أيام وعن مطلق الوقت كما قال تعالى ‏{‏أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ‏}‏ هود‏
وقد يكون ذلك ليلًا ونهارًا فإذا قيل كل يوم تطلع فيه الشمس علم أن هذه الصدقة على ابن آدم في كل يوم يعيش فيه من أيام الدنيا وظاهر الحديث يدل على أن هذا الشكر بهذه الصدقة واجب على المسلم كل يوم ولكن الشكر على درجتين إحداهما واجب وهو أن يأتي بالواجبات ويتجنب المحرمات فهذا لا بد منه ويكفي في شكر هذه النعم ويدل على ذلك ما خرجه أبو داود من حديث أبي الأسود الديلي قال كنا عند أبي ذر فقال يصبح على كل سلامي من أحدكم في كل يوم صدقة فله بكل صلاة صدقة وصيام صدقة وحج صدقة وتسبيح صدقة وتكبير وتحميد صدقة فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأعمال الصالحات وقال يجزيء أحدكم من ذلك ركعتا الضحى وقد تقدم في حديث أبي موسى المخرج في الصحيحين فإن لم يفعل فليمسك عن الشر فإنه له صدقة وهذا يدل على أنه يكفيه أن لا يفعل شيئًا من الشر وإنما يكون مجتنبا للشر إذا قام بالفرائض واجتنب المحارم فإن أعظم الشر ترك الفرائض ومن هنا قال بعض السلف الشكر ترك المعاصي قال بعضهم الشكر أن لا يستعان بشيء من النعم على معصيته وذكر أبو حازم الزاهد شكر الجوارح كلها أن تكف عن المعاصي وتستعمل في الطاعات ثم قال وأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه فلم يلبسه فلم ينفعه ذلك من البرد والحر والثلج والمطر وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم لينظر العبد في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك وليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله عز وجل حق على العبد أن يعمل بالنعمة التي في بدنه لله عز وجل في طاعته ونعمة أخرى في الرزق حق عليه أن يعمل لله عز وجل فيما أنعم عليه من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان قد أخذ بحزم الشكر وأصله وفرعه ورأى الحسن رجلًا يتبختر في مشيه فقال لله في كل عضو منه نعمة اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك الدرجة الثانية من الشكر الشكر المستحب وهو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات وهذه درجة السابقين المقربين وهي التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث التي سبق ذكرها، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في الصلاة ويقوم حتى تنفطر قدماه فإذا قيل لم تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول أفلا أكون عبدًا شكورا وقال بعض السلف لما قال الله عز وجل ‏{‏اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا‏}‏ سبأ لم يأت عليهم ساعة من ليل أو نهار إلا وفيهم مصل يصلي وهذا مع أن بعض الأعمال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم واجب إما على الأعيان كالمشي إلى الصلاة عند من يرى وجوب الصلاة في الجماعات في المساجد وإما على الكفاية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإغاثة اللهفان والعدل بين الناس إما في الحكم بينهم أو في الإصلاح‏

فقد روي من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصدقة إصلاح ذات البين وهذه الأنواع التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة منها ما نفعه متعد كالإصلاح وإعانة الرجل على دابته بحمله عليها لرفع متاعه عليها والكلمة الطيبة ويدخل فيها السلام وتشميت العاطس وإزالة الأذى عن الطريق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفن النخاعة في المسجد وإعانة ذي الحاجة الملهوف وإسماع الأصم وتبصير المنقوص بصره وهداية الأعمى أو غيره الطريق وجاء في بعض رواية أبي ذر وبيانك عن الأرتم صدقة يعني من لا يطيق الكلام إما لآفة في لسانه أو لعجمة في لغته فبين عنه ما يحتاج إلى بيانه ومنه ما هو قاصر النفع كالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والمشي إلى الصلاة وصلاة ركعتي الضحى وإنما كانتا مجزئتين عن ذلك كله لأن في الصلاة استعمال الأعضاء كلها في الطاعة والعبادة فتكون كافية في شكر سلامي هذه الأعضاء وبقية كلام هذه الخصال المذكورة أكثرها استعمال لبعض أعضاء البدن خاصة فلا تكمل الصدقة بها حتى يأتي منها بعدد سلامي البدن وهي ثلاثمائة وستون كما في حديث عائشة رضي الله عنها وعن أبويها‏
وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتدرون أي الصدقة أفضل أو أخير قالوا الله ورسوله أعلم قال المنحة تمنح أخاك الدراهم أو ظهر دابة أو لبن الشاة أو لبن البقرة والمراد بمنحة الدراهم قرضها ومنحة ظهر الدابة إفقارها وهو إعارتها لمن يركبها ومنحة لبن الشاة أو البقرة أن تمنحه بقرة أو شاة يشرب لبنها ثم يعيدها إليه وإذا أطلقت المنيحة لم تنصرف إلا إلى هذا وخرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من منح لبن أو ورق أو أهدي زقاقا كان له مثل عتق رقبة وقال الترمذي معنى قوله من منح منحة لبن أو ورق إنما يعني به قرض الدراهم، وقوله وأهدي زقاقا إنما يعني به هداية الطريق وهو إرشاد السبيل وخرجه البخاري من حديث حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي قال سمعت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون خصلة أعلاها منحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها أو تصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة قال حسان بن عطية فعددنا ما دون منحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق الإبل حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنحتها وحمل عليها في سبيل الله‏

وخرج الإمام أحمد من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل معروف صدقة ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وأن تفرغ من دلوك في إنائه‏
وخرج الحاكم وغيره بزيادات وهي ما أنفق المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقى به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة أنفقها المؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان‏

وفي المسند عن أبي جري الجهني قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المعروف فقال لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك بوجه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض ومن أنواع الصدقة كف الأذى عن الناس باليد واللسان كما في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قلت أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال فكف شرك عن الناس فإنها صدقة وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله دلني على عمل إذا عمل به العبد دخل به الجنة قال يؤمن بالله قال قلت يا رسول الله إن مع الإيمان عملًا قال يرضخ مما رزقه الله قلت فإن كان معدما لا شيء له قال يقول قولًا معروفا بلسانه قلت فإن كان عييا لا يبلغ عنه لسانه قال فيعين مغلوبا قلت فإن كان ضعيفا لا قدرة له قال فليصنع لأخرق قلت فإن كان أخرق فالتفت إلى فقال ما تريد أن تدع في صاحبك شيئًا من الخير فليدع الناس من أذاه قلت يا رسول الله إن هذا كله ليسير قال والذي نفسي بيده ما من عبد يعمل بخصلة منها يريد ما عند الله إلا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنة فاشترط في هذا الحديث لهذه الأعمال كلها إخلاص النية كما في حديث عبدالله بن عمرو الذي فيه ذكر الأربعين خصلة وهذا كما في قوله عز وجل ‏{‏لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا‏}‏ النساء‏
وقد روي عن الحسن وابن سيرين أن فعل المعروف يؤجر عليه وإن لم يكن له فيه نية سئل الحسن عن الرجل يسأله آخر حاجة وهو يبغضه فيعطيه حياء هل له فيه أجر فقال إن ذلك لمن المعروف وإن في المعروف لأجرًا خرجه حميد بن زنجويه‏
وسئل ابن سيربن عن الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حسبة يتبعها حياء من أهلها أله في ذلك أجر فقال أجر واحد بل له أجران أجر الصلاة على أخيه وأجر لصلته الحي خرجه أبو نعيم في الحلية ومن أنواع الصدقة أداء حقوق المسلم على المسلم بعضها مذكور في الأحاديث الماضية‏

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنازة وإجابة الدعوة وتشميت العاطس‏
وفي رواية لمسلم للمسلم على المسلم ست قيل ما هن يا رسول الله قال إذا لقيته تسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فانبعثه‏

وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع بعيادة المريض وأتباع الجنائز وتشميت العاطس وإبرار القسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام‏

وفي رواية لمسلم وإرشاد الضال بدل إبرار القسم ومن أنواع الصدقة المشي بحقوق الآدميين الواجبة إليهم قال ابن عباس رضي الله عنهما من مشى بحق أخيه إليه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة ومنها إنظار المعسر‏
وفي المسند وسنن ابن ماجه عن بريدة مرفوعًا من أنظر معسرا فله كل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثله صدقة ومنها الإحسان إلى البهائم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن سقيها قال في كل كبد رطبة أجر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بغيا سقت كلبا يلهث من العطش فغفر لها وأما الصدقة القاصرة على نفس العامل فمثل أنواع الذكر من التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تلاوة القرآن والمشي إلى المساجد والجلوس فيها لانتظار الصلاة أو لاستماع الذكر ومن ذلك التواضع في اللباس والمشي والهدي والتبذل في المهنة واكتساب الحلال والتحري فيه ومنها أيضًا محاسبة النفس على ما سلف من أعمالها والندم والتوبة من الذنوب السالفة والحزن عليها واحتقار النفس والازدراء بها ومقتها في الله عز وجل والبكاء من خشية الله تعالى والتفكر في ملكوت السموات والأرض وفي أمور الآخرة ومافيها من الوعد والوعيد ونحو ذلك مما يزيد الإيمان في القلب وينشأ عنه كثير من أعمال القلوب كالخشية والمحبة والرجاء والتوكل وغير ذلك وقد قيل إن هذا التفكر أفضل من نوافل الأعمال البدنية روي ذلك عن غير واحد من التابعين منهم سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبدالعزيز وفي كلام الإمام أحمد ما يدل عليه وقال كعب لأن أبكي من خشية الله أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 13, 2011 12:48 pm

الحديث السابع والعشرون :


عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ - رضي الله عنه - عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) رواه مسلم




وعن وابصه بن معبد رضي الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال : ( جئت تسأل عن البر ؟ ) قلت : نعم ؛ فقال : ( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) .
رواه الإمام أحمد والدارمي بإسناد حسن
شرح الحديث :

مفردات الحديث:
"البر": بكسر الباء، اسم جامع للخير وكل فعل مرضي.
"حسن الخلق": التخلق بالأخلاق الشريفة.
"والإثم": الذنب بسائر أنواعه.
"ما حاك في النفس": ما لم ينشرح له الصدر ولم يطمئن إليه القلب.

المعنى العام:

فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم البر في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه بحسن الخلق،وفسَّره في حديث وابصة بما اطمأنت إليه النفس والقلب، وتعليل هذا الاختلاف الوارد في تفسير البر : أنه يطلق ويراد منه أحد اعتبارين مُعَيَّنَيْن:

أ- أن يراد بالبر معاملة الخَلْق بالإحسان إليهم، وربما خُصَّ بالإحسان إلى الوالدين، فيقال بر الوالدين، ويطلق كثيراً على الإحسان إلى الخَلْق عموماً.

ب- أن يراد بالبر فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة، قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].

معرفة الحق من الفطرة: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب"، دليل على أن الله سبحانه وتعالى فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وقبوله، ورَكَزَ في الطباع محبته، قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة".

علامتا الإثم: للإثم علامتان: علامة داخلية، وهي ما يتركه في النفس من اضطراب وقلق ونفور وكراهة، لعدم طمأنينتها إليه، قال صلى الله عليه وسلم: "الإثم ما حاك في النفس".

وعلامة خارجية، وهي كراهية اطلاع وجوه الناس وأماثلهم الذين يستحي منهم، بشرط أن تكون هذه الكراهية دينية، لا الكراهية العادية.

الفتوى والتقوى: يجب على المسلم أن يترك الفتوى إذا كانت بخلاف ما حاك في نفسه وتردد في صدره، لأن الفتوى غير التقوى والورع، ولأن المفتي ينظر للظاهر، والإنسان يعلم من نفسه ما لا يعلمه المفتي، أو أن المستنكر كان ممن شرح الله صدره، وأفتاه غيره بمجرد ظن أو ميل إلى هوى من غير دليل شرعي، فإن الفتوى لا تزيل الشبهة.

أما إذا كانت الفتوى مدعمة بالدليل الشرعي، فالواجب على المسلم أن يأخذ بالفتوى وأن يلتزمها، وإن لم ينشرح صدره لها، ومثال ذلك الرخصة الشرعية، مثل الفطر في السفر والمرض، وقصر الصلاة في السفر ..

كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]. وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا والتسليم.

معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم: في حديث وابصة معجزة كبيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أخبره بما في نفسه قبل أن يتكلم به، فقال له:"جئت تسأل عن البر ؟"

إنزال الناس منازلهم: لقد أحال النبي صلى الله عليه وسلم وابصة على إدراكه القلبي، وعلم أنه يدرك ذلك من نفسه، إذ لا يدرك إلا من كان متين الفهم قوي الذكاء نيِّر القلب، أما غليظ الطبع الضعيف الإدراك فلا يجاب بذلك، لأنه لا يتحصل منه على شيء، وإنما يجاب بالتفصيل عما يحتاج إليه من الأوامر والنواهي الشرعية.

ما يستفاد من الحديث

يرشد الحديث إلى التخلق بمكارم الأخلاق، لأن حسن الخلق من أعظم خصال البر.
قيمة القلب في الإسلام واستفتاؤه قبل العمل.
أن الدين وازع ومراقب داخلي، بخلاف القوانين الوضعية، فإن الوازع فيها خارجي.
إن الدين يمنع من اقتراف الإثم، لأنه يجعل النفس رقيبة على كل إنسان مع ربه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام مي
عضوه vib
عضوه vib
ام مي


بلد الإقامه : المملكة العربية السعودية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female62 عدد المساهمات : 9427
نقاط : 10857
التقييم : 55
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 42
المزاج : الحمد لله معتدل

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 14, 2011 11:28 am

شرح الحديث الثامن والعشرون من أحاديث الأربعين النووية

للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى



تابع الدرس (13) عند الحديث 25 إلى 30

قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-...
الذي يليه، عن أبي نجيح، الذي بعده.
عن أبي نجيح العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
في الحديث الثامن والعشرين يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن أبي نجيح العرباض بن سارية -رضي الله تعالى عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وعظنا ذكرنا بالقرآن، وبشيء من كلامه الموحى إليه من سنته -عليه الصلاة والسلام- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وعظهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وذكرهم وخوفهم وأنذرهم وبشرهم، وأمرهم ونهاهم، وعظهم موعظة، يعني عظيمة مؤثرة، وجلت منها القلوب، خافت منها القلوب، لا سيما وأنها صادرة ممن لا ينطق عن الهوى، من أنصح الناس للناس، وأشفقهم عليهم، لا شك أن الموعظة إذا خرجت من قلب سليم ناصح أنها تؤثر.
"موعظة وجلت منها القلوب" خافت خوفاً شديداً "وذرفت منها العيون" فاضت منها الدموع نتيجةً لهذا الخوف وهذا الوجل "فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع" يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا خطبهم في الجمعة كأنه منذر جيش، اعتلى صوته، ويحمر وجهه -عليه الصلاة والسلام- كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ليؤثر في خطبته -عليه الصلاة والسلام-، وهنا وعظهم موعظة، وذكرهم وخوفهم بهذه الموعظة المؤثرة التي ترتبت عليها آثارها، ونحن نسمع المواعظ، نسمع القرآن الذي جاء الأمر بالتذكير به،
{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] نسمع القرآن بأعذب الأصوات ومع ذلك لا نتأثر لقساوة في القلوب، وجفاف في الدموع والأعين، والسبب في ذلك الران الذي غطى على القلوب من المكاسب والمطاعم وغيرها.

"كأنها موعظة مودع" كأنهم رأوا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء بكل ما عنده، كأنه لا يريد أن يلقاهم بعد هذه الموعظة.
"كأنها موعظة مودع فأوصنا" يعني تصوروا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هذه الموعظة خلاص أدى كل ما عليه "فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-))" هذه وصية الله -جل وعلا- للأولين والآخرين، وسبق أنه أوصى من طلب منه الوصية بألا يغضب، فكل إنسان يوصى بما يليق به، إذا ظهرت على الإنسان شيء من المخالفات يوصيه بترك هذه المخالفات، فقال له: أوصني، أوصاه بما يظهر عليه من المخالفات، إذا رأى منه فتور في الطاعات أوصاه بالمبادرة إذا رأى عليه فتوراً في طلب العلم أوصاه بالاهتمام بالعلم، وغير ذلك كل يوصى بما يناسبه، لكن إذا كان طالب الوصية مجموعة، كل واحد منهم قد يحتاج إلى ما لا يحتاجه غيره، الجامع ذلك تقوى الله، التي هي وصية الله للأولين والآخرين.
((أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-)) نظير ما يحصل منه -عليه الصلاة والسلام- من توجيه إما لأفراد، وإما لجماعات، حينما يخطب الجميع يحمر وجهه، ويعلو صوته، لكن إذا خاطب شخصاً واحداً يريد أن يوجهه وينكر عليه يختلف الأمر؛ لأن توجيه الخطاب إلى المجموع يختلف أثره عن توجيه الخطاب إلى الواحد، يعني إذا ارتفع صوته -عليه الصلاة والسلام-، واشتد غضبه، العادة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ينكر برفق، الأعرابي الذي بال في المسجد قال: ((دعوه، لا تزرموه)) يعني اتركوه، لما أراد الصحابة أن يوقعوا به، وشدوا عليه الكلام، قال: ((دعوه)) الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، لكن كل واحد من الحاضرين حينما يخطب النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه القوة وبهذه الشدة كل واحد من الحاضرين يقول: لست أنا المقصود، فيخف الأمر، لكن لو واجه شخص بعينه بقوة هذا خلاف الهدي النبوي، ولا يمنع أن يخطب الإنسان ويذكر بعض المنكرات الشائعة، ويشدد في إنكارها، ويرفع صوته في إنكارها؛ لأنه لا يخاطب شخص بعينه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما بال أقوام)) ويشدد، لكن لو واجه الشخص الذي فعل تجده يلطف به ويترفق به؛ لأن هذا أجدى وأدعى للقبول، ففرق بين هذا وهذا؛ لأن بعض الناس يقول: كيف النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا خطب اشتد غضبه، وارتفع صوته، واحمر وجهه، وهو يقول: دعوه دعوه، يعني هذا اضطراب، نقول: لا، خطاب المجموع يختلف عن خطاب الأفراد، المجموع أنت لا تخاطب شخص بعينه، كل واحد من الحاضرين يقول: لعله لا يقصدني، فيخف الأمر، بينما إذا واجه شخصاً بعينه، نعم قد يغضب لغضب الله -عليه الصلاة والسلام- لكنه لا ينتقم لنفسه، والإنسان إذا أسدي له نصيحة برفق ولين، ثم بعد ذلك مرة ثانية ثم ثالثة لا مانع أن ينكر عليه بقوة، وأن يؤطر على الحق فيما بعد ذلك؛ لأنه في الحقيقة إنسان لا يستحق مثل هذا اللين.
((أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-، والسمع والطاعة)) يعني لولي الأمر، ((وإن تأمر عليكم عبد)) وجاء في بعض الروايات: ((عبد حبشي رأسه كأنه زبيبة)) قد يقول قائل: تأمر، كيف يتأمر والأئمة من قريش؟ فهذا محمول على من دون الإمام الأعظم، أو الإمام الأعظم إذا تولى بالقوة والقهر والغلبة واستتب له الأمر فإنه لا يجوز الخروج عنه، وأما في حال الاختيار فالأئمة من قريش.
((وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم)) ممن تطول به الحياة ((فسيرى اختلافاً كثيراً)) يعني في عهد عثمان -رضي الله عنه- وجد هذا الخلاف، لما كسر الباب بقتل عمر -رضي الله تعالى عنه- وجد الاختلاف، وتغير الناس، تغيرت القلوب، وحوصر الخليفة في داره، وقتل في قعر داره، وهو يقرأ القرآن صائماً، بين المهاجرين والأنصار، وأي فتنة أعظم من هذه؟ والعهد ما بالعهد من قدم، العهد قريب، والله المستعان.

فإنه من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام-، ومن أعلام النبوة أنه أخبر بما سيحدث.
((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً)) والحل؟ ((عليكم بسنتي)) ((إنها ستكون فتن)) قلنا: يا رسول الله وما المخرج؟ قال: ((كتاب الله)) فالاعتصام بالكتاب وبالسنة كما في هذا الحديث هو الكفيل بإذن الله -جل وعلا- بالخروج خروج الإنسان المسلم سالماً من آثار هذه الفتن.
((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)) الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)) فسنتهم سنة بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذا لم تعارض أقوالهم أو أقوال بعضهم ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فالعبرة بسنته -عليه الصلاة والسلام-، ثم إذا لم يوجد في الباب من سنته ما يستدل به يعمل بعمل الخلفاء الراشدين، ولذلك تقبلت الأمة الأذان الأول ليوم الجمعة ولا يوجد له أصل يدل عليه في هذا الوقت إلا فعل عثمان -رضي الله عنه-، وإن كان تكرار الأذان بالنسبة لصلاة الصبح كان يؤذن بلال ويؤذن ابن أم مكتوم، لصلاة الصبح لا مانع من أن يكون لها أذانين، ولها أصل من سنته -عليه الصلاة والسلام-، أما بالنسبة للأذان الأول يوم الجمعة فهذا لا أصل له إلا من فعل عثمان، ويندرج بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ)) يعني تمسكوا بها تمسكاً قوياً شديداً، لا يتزلزل ولا يتزحزح، بحيث لو كانت هذه السنة أمراً محسوساً فأطبقوا عليه بنواجذكم أقصى الأضراس.
((عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم)) تحذير ((ومحدثات الأمور)) أحذروا محدثات الأمور، يعني أمور الدين، ما يستحدث ويبتدع في الدين احذروه، ((فإن كل بدعة ضلالة)) كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وجاء عند النسائي: ((وكل ضلالة في النار)) كل بدعة ضلالة، هذا التعميم من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن أهل العلم –مع وجود هذا النص الكلي العام الذي يشمل جميع المحدثات في الدين وأنها ضلالة وأن الضلالة في النار- يقول بعضهم: إن هناك بدع حسنة، بدع سيئة وبدع حسنة، منهم من يقول: هناك بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع... إلى آخره، هذا التقسيم للبدع مخترع مبتدع، يعني قال به بعض أهل العلم، قسم البدعة إلى الأحكام التكليفية الخمسة بعض العلماء، العز بن عبد السلام والنووي وابن حجر، وجمع من أهل العلم، لكن العبرة بالتعميم في قوله: ((كل بدعة ضلالة)) كيف يقول: ((كل بدعة ضلالة)) وأنت نقول: بدعة واجبة؟ فإما أن يكون العمل بدعة فيكون ضلالة، أو يكون واجباً فلا يكون بدعة، يعني هذا تناقض.
الشاطبي في الاعتصام رد هذا التقسيم وأبطله، وقوض دعائمه، وقال: هذا تناقض ومعارضة لما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مردود على قائله.
قد يستدلون بـ((من سن سنة حسنة)) وقول عمر: "نعمت البدعة هذه" فأثنى عليها وسماها بدعة، من سن في الإسلام سنة حسنة معناها أنه بادر إلى العمل بها ولها أصل، كالصدقة مثلاً، سن في الإسلام سنة حسنة، لو قدر أنه في بلد من البلدان لا يوجد مدارس تعلم العلم الشرعي، أو تحفظ القرآن الكريم، ثم بادر إنسان فأنشأ مدرسة، نقول: هذا سن في الإسلام سنة حسنة؛ لأنه أحيا هذه السنة، وبادر إلى العمل بها، وهي في الأصل سنة مشروعة بدليل شرعي، وأما قول عمر: "نعمت البدعة" يعني صلاة التراويح حينما جمعهم على إمام واحد، فهي في الحقيقة ليست بدعة لا لغوية كما يقول شيخ الإسلام، ولا شرعية كما يقول بعضهم: والبدعة بدعة ولو كانت من عمر، لا، هي ليست ببدعة، لكن عمر سماها بدعة من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير، يعني كأن قائل قال: ابتدعت يا عمر؟ فقال: نعمت البدعة، يعني إذا كانت هذه بدعة فنعمت البدعة، وإلا فليست ببدعة؛ لأنها عملت على مثال سابق، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه ليلتين أو ثلاث ثم تركها، لا نسخاً لها ولا عدولاً عنها، وإنما خشية أن تفرض.
((فإن كل بدعة ضلالة)) وتتمة الحديث عند النسائي: ((وكل ضلالة في النار)) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام مي
عضوه vib
عضوه vib
ام مي


بلد الإقامه : المملكة العربية السعودية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female62 عدد المساهمات : 9427
نقاط : 10857
التقييم : 55
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 42
المزاج : الحمد لله معتدل

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 14, 2011 11:29 am

الحديث التاسع والعشرون


عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ : ( لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ تَلَا" تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ " حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ" ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَارسول الله فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .



شرح الحديث : -


مفردات الحديث:"الصوم جنة": الصوم وقاية من النار.

"الصدقة تطفىء الخطيئة": أي تطفىء أثر الخطيئة فلا يبقى لها أثر.

"جوف الليل": وسطه، أو أثناؤه.

" تتجافى": ترتفع وتبتعد.

"عن المضاجع": عن الفُرُشِ والمراقد."ذروة سَنَامه": السَّنَام: ما ارتفع من ظهر الجمل، والذروة: أعلى الشيء، وذروة سنام الأمر:كناية عن أعلاه."ثكلتك أمك": هذا دعاء بالموت على ظاهره، ولا يُراد وقوعه، بل هو تنبيه من الغفلة وتعجب للأمر.

"يَكُبُّ": يُلْقي في النار .

"حصائد ألسنتهم": ما تكلمت به ألسنتهم من الإثم.

المعنى العام:

شدة اعتناء معاذ بالأعمال الصالحة: إن سؤال معاذ رضي الله عنه يدل على شدة اعتنائه بالأعمال الصالحة ، واهتمامه بمعرفتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يدل على فصاحته وبلاغته، فإنه سأل سؤالاً وجيزاً وبليغاً، وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم سؤاله وعجب من فصاحته حيث قال: "لقد سألت عن عظيم".

الأعمال سبب لدخول الجنة وقد دل على ذلك قول معاذ " أخبرني بعمل يدخلني الجنة" . وفي كتاب الله عز وجل {تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [ الأعراف: 43] وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام "لن يَدخلَ الجنة أحدُكم بعمله" رواه البخاري: فمعناه أن العمل بنفسه لا يستحق به أحد الجنة، وإنما لا بد مع العمل من القبول، وهذا يكون بفضل ورحمةٍ من الله تعالى على عباده.

الإتيان بأركان الإسلام: أجاب النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً عن سؤاله، بأن توحيد الله

وأداء فرائض الإسلام : الصلاة والزكاة والصيام والحج، هي العمل الصالح الذي جعله بمنه وإحسانه ورحمته سبباً لدخول الجنة، وقد مر في شرح الحديث الثاني والثالث أن هذه الأركان الخمس هي دعائم الإسلام التي بني عليها فانظرهما.

أبواب الخير: وفي رواية ابن ماجه: "أبواب الجنة". وقد دلَّ النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً على أداء النوافل بعد استيفاء أداء الفرائض، ليظفر بمحبة الله، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ربه عز وجل أنه قال: " ما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ " رواه البخاري. وأما أبواب الخير وأسبابه الموصلة إليه فهي:

أ-الصوم جُنَّة: والمراد به هنا صيام النفل لا صيام رمضان، وهو وقاية من النار في الآخرة؛ لأن المسلم يمتنع فيه عن الشهوات امتثالاً لأمر الله، وهذا الامتناع يُضْعِف تحكّم القوى الشهوانية في الإنسان، فلا تسيطر عليه، ويصبح بالصوم تقياً نقياً طاهراً من الذنوب.

ب-الصدقة: والمراد بالصدقة هنا غير الزكاة، والخطيئة التي تطفئها وتمحو أثرها إنما هي الصغائر المتعلقة بحق الله تعالى، لأن الكبائر لا يمحوها إلا التوبة، والخطايا المتعلقة بحق الآدمي لا يمحوها إلا رضا صاحبها.

ج- صلاة الليل: وهي صلاة التطوع في الليل بعد الاستيقاظ من النوم ليلاً، والمراد بـ: صلاة الرجل:صلاة الرجل والمرأة. قال الله تعالى :{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [ الذاريات: 15-18]. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل" رواه مسلم.

رأس الدين الإسلام وعموده وذروة سَنَامه : وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى في عيني صاحبه معاذ حُبَّ الاستزادة من علم النبوة، فزاده معرفة واضحة على طريقة التشبيه والتمثيل، ولم يُسْمِعْهُ هذه المعارف إلا بعد صيغة السؤال: ألا أُخْبِرُكَ؟" وهي طريقة تربوية ناجحة تزيد من انتباه المتعلم، وتجعله سائلاً متلهفاً لمعرفة الجواب، لا مجرد سامع ومتعلقٍّ . أما هذه المعارف النبوية فهي:

رأس الأمر الإسلام: وقد ورد تفسير هذا في حديث معاذ الذي رواه الإمام أحمد؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله".

وعموده الصلاة: أي إن الصلاة عماد الدين، وقِوَامه الذي يقوم به، كما يقوم الفُسْطَاط

)الخيمة) على عموده. وكما أن العمود يرفع البيت ويهيئه للانتفاع، فكذلك الصلاة ترفع الدين وتظهره.

وذروة سنامه الجهاد: أي أعلى ما في الإسلام وأرفعه الجهاد؛ لأن به إعلاء كلمة الله، فيظهر الإسلام ويعلو على سائر الأديان، وليس ذلك لغيره من العبادات، فهو أعلاها بهذا الاعتبار.

ملاك الأمر كله حفظ اللسان: وقد بينَّا أهمية حفظ اللسان وضبطه في شرح حديث 15 "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". والمراد بحصائد الألسنة جزاء الكلام المحرّم وعقوباته، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قول وعمل حصد الكرامة، ومن زرع شراً من قول أو عمل حصد غداً الندامة.

روى الإمام أحمد والترمذي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكثر ما يُدْخِلُ النار الأجوفان: الفم والفرج". أفضل أعمال البر بعد الفرائض: ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أن أفضل أعمال البر بعد الفرائض العلم ثم الجهاد. وذهب الشافعي إلى أن أفضل الأعمال الصلاة فرضاً ونفلاً. وقال الإمام أحمد : الجهاد في سبيل الله.

وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال تارة: الصلاة لأول وقتها، وتارة: الجهاد، وتارة بِرّ الوالدين، وحُمِل ذلك على اختلاف أحوال السائلين، أو اختلاف الأزمان.

ما يستفاد من الحديث

ويفيد الحديث الشريف استرشاد الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم وعظته لهم، كما يرشد إلى أن أداء الفرائض الخمس أول ما يعمله العبد وأنها سبب لدخوله الجنة والبعد عن النار. فضل الجهاد في حفظ الإسلام، وإعلاء كلمة الله.خطر اللسان، والمؤاخذة على عمله، وأنه يورد النار بحصائده.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 15, 2011 1:43 pm

شرح


الحديث الثلاثون :




عن أبي ثعلبة الخشعني – جرثوم بن ناشر – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها )
وراه الدارقطيني وغيره .





شرح الحديث :

أهمية الحديث :

هذا الحديث من جوامع الكلم التي اختص الله تعالى بها نبينا صلى الله عليه وسلم، فهو وجيز

بليغ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسَّم أحكام الله إلى أربعة أقسام: فرائض، ومحارم، وحدود، ومسكوت عنه. فمن عمل به فقد حاز الثواب وأمن العقاب، لأن من أدى الفرائض، واجتنب المحارم، ووقف عند الحدود، وترك البحث عما غاب عنه، فقد استوفى أقسام الفضل، وأوفى حقوق الدين، لأن الشرائع لا تخرج عن هذه الأنواع المذكورة في هذا الحديث.

مفردات الحديث

" فرض الفرائض": أوجبها.

" فلا تضيعوها": فلا تتركوها أو تتهاونوا فيها حتى يخرج وقتها .

"حد حدودا": الحدود جمع حد، وهو لغة: الحاجز بين الشيئين، وشرعاً: عقوبة مُقَدَّرة من الشارع تَزْجُرُ عن المعصية.

"فلا تعتدوها": لا تزيدوا فيها عما أمر به الشرع، أو لا تتجاوزوها وقفوا عندها.

"فلا تنتهكوها": لاتقعوا فيها ولا تقربوها.

و "سكت عن أشياء": أي لم يحكم فيها بوجوب أو حرمة، فهي شرعاً على الإباحة الأصلية.

المعنى العام:

وجوب المحافظة على الفرائض والواجبات: والفرائض هي ما فرضه الله على عباده، وألزمهم بالقيام بها، كالصلاة والزكاة والصيام والحج.

وتنقسم الفرائض إلى قسمين : فرائض أعيان، تجب على كل مكلف بعينه، كالصلوات الخمس والزكاة والصوم.

وفرائض كفاية إذا قام بها بعض المسلمين سقط الإثم عن الجميع، وإذا لم يقم بها أحد، أثم الجميع، كصلاة الجنازة، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. [ انظر الحديث 34] .

الوقوف عند حدود الله تعالى: وهي العقوبات المقَّدرة، الرادعة عن المحارم كحد الزنا، وحد السرقة، وحد شرب الخمر ، فهذه الحدود عقوبات مقدرة من الله الخالق سبحانه وتعالى، يجب الوقوف عندها بلا زيادة ولا نقص. وأما الزيادة في حد الخمر من جلد أربعين إلى ثمانين فليست محظورة، وإن اقتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر على جلد أربعين، لأن الناس لما أكثروا من الشرب زمن عمر رضي الله عنه ما لم يكثروا قبله، استحقوا أن يزيد في جلدهم تنكيلاً وزجراً، فكانت الزيادة اجتهاداً منه بمعنى صحيح مُسَوِّغ لها، وقد أجمع الصحابة على هذه الزيادة . [ انظر الفقه: كتاب الحدود حد الزنا والسرقة وشرب الخمر] .

المنع من قربان المحرمات وارتكابها: وهي المحرمات المقطوع بحرمتها، المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد حماها الله تعالى ومنع من قربانها وارتكابها وانتهاكها {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151]. ومن يدقق النظر في المحرمات، ويبحث عن علة التحريم بعقل نَيِّر ومنصف، فإنه يجدها محدودة ومعدودة، وكلها خبائث، وكل ما عداها فهو باق على الحل، وهو من الطيبات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] .

رحمة الله تعالى بعباده: صرح النبي عليه الصلاة وسلام أن سكوت الله عن ذكر حكم أشياء، فلم ينص على وجوبها ولا حلها ولا تحريمها، إنما كان رحمة بعباده ورفقاً بهم، فجعلها عفواً، إن فعلوها فلا حرج عليهم، وإن تركوها فلا حرج عليهم أيضاً. ولم يكن هذا السكوت منه سبحانه وتعالى عن خطأ أو نسيان، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [ طه: 52].

النهي عن كثرة البحث والسؤال: ويحتمل أن يكون النهي الوارد في الحديث عن كثرة البحث والسؤال خاصاً بزمن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن كثرة البحث والسؤال عما لم يذكر قد يكون سبباً لنزول التشديد فيه بإيجاب أو تحريم، ويحتمل بقاء الحديث على عمومه، ويكون النهي فيه لما فيه من التعمق في الدين، قال صلى الله عليه وسلم:

" ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " وقال صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" والمتنطع: الباحث عما لا يعنيه، أو الذي يدقق نظره في الفروق البعيدة.

وقد كف الصحابة رضوان الله عليهم عن إكثار الأسئلة عليه صلى الله عليه وسلم حتى كان يعجبهم أن يأتي الأعراب يسألونه فيجيبهم، فيسمعون ويَعُونَ. ومن البحث عما لا يعني البحث عن أمور الغيب التي أُمرنا بالإيمان بها ولم تتبين كيفيتها، لأنه قد يوجب الحيرة والشك، وربما يصل إلى التكذيب.

وأخرج مسلم: "لا يزال الناس يسألون حتى يقال: هذا اللهُ خَلَقَ الخلقَ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله".

ما يستفاد من الحديث: الأمر باتباع الفرائض والتزام الحدود، واجتناب المناهي، وعدم الاستقصاء عما عدا ذلك رحمة بالناس
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 15, 2011 1:54 pm


الحديث الحادي والثلاثون

عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟ فَقَالَ: (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ)[227] حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة.

الشرح

قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه، ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل، وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته.

وقوله: "دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس" هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس.

فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد،فقال: "ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها، وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة، وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ، والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر، لأنه يدخل في الزهد الطبقة الوسطى التي ليس فيها ضرر ولا نفع، فالزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره.

وقوله: "يُحِبكَ الله" هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد

والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين:

الوجه الأول: دنيا في الزمن.

الوجه الثاني: دنيا في المرتبة.

فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"[228] وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"[229] إذاً الدنيا ليست بشيء.

ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت بالسرور ثم أعقبه حزن، وما أصدق وصف الدنيا في قول الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر

وقوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم، ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس، وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً، لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.

من فوائد هذا الحديث:

1-علو-همم الصحابة رضي الله عنهم، فلا تكاد تجد أسئلتهم إلا لما فيه خير في الدنيا أو الآخرة أو فيهما جميعاً.

وهنا السؤال : هل الصحابة رضي الله عنهم إذا سألوا مثل هذا السؤال يريدون أن يطلعوا فقط، أو يريدون أن يطلعوا ويعملوا؟

الجواب:الثاني،بخلاف كثير من الناس اليوم-نسأل الله أن لايجعلنا منهم- يسألون ليطلعوا على الحكم فقط لا ليعملوا به،ولذلك تجدهم يسألون عالماً ثم عالماً ثم عالماً حتى يستقروا على فتوى العالم التي توافق أهواءهم، ومع ذلك قد يستقبلونها بنشاط وقد يستقبلونها بفتور.

.2إثبات محبة الله عزّ وجل،أي أن الله تعالى يحب محبة حقيقية.

ولكن هل هي كمحبتنا للشيء؟

الجواب:لا، حتى محبة الله لنا ليست كمحبتنا لله، بل هي أعلى وأعظم، وإذا كنا الآن نشعر بأن أسباب المحبة متنوعة،وأن المحبة تتبع تلك الأسباب وتتكيف بكيفيتها فكيف بمحبة الخالق؟!! لا يمكن إدراكها.

الآن نحب الأكل، ونحب من الأكل نوعاً نقدمه على نوع، وكذلك يقال في الشرب،ونحب الجلوس إلى الأصحاب، ونحب الوالدين،ونحب النساء، فهل هذه المحبات في كيفيتها وحقيقتها واحدة؟

الجواب:لا،تختلف.

فمحبة الخالق عزّ وجل لنا-ليست كمحبتنا إياه،بل هي أعظم وأعظم،لكنها حقيقية.

زعم أهل التعطيل الذين حكموا على الله بعقولهم وقالوا:ما وافق عقولنا من صفات الله تعالى أثبتناه وما لا فلا،ولهذا قاعدتهم في هذا،يقولون:ما أقرته عقولنا من صفات الله أقررناه،وما خالف عقولنا نفيناه،وما لم توافقه ولم تخالفه فأكثرهم نفاه وقالوا:لا يمكن أن نثبته حتى يشهد العقل بثبوته،وبعضهم توقف فيه.

وأقربهم إلى الورع الذين توقفوا ومع ذلك فلم يسلكوا سبيل الورع،إذ سبيل الورع أن نثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه مطلقاً،سواء أدركته عقولنا أم لا،وأن ننفي ما نفاه الله تعالى عن نفسه مطلقاً،سواء أثبتته عقولنا أو لا، وما لم ترد عقولنا بإثباته أو نفيه نثبته إن أثبته الله تعالى لنفسه، وننفيه إن نفاه الله تعالى عن نفسه.وعلى هذا فمحبة الله تعالى للعباد ثابتة بالقرآن والسنة وإجماع السلف الصالح ،قال الله تعالى: ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )(المائدة: الآية54) وقال عزّ وجل: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)(التوبة: الآية4) (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً) (الصف:4) وآيات متعددة.

فيقول أهل العقل الذين حكموا على الله بعقولهم:محبة الله يعني إثابته على العمل.

فنقول:الإثابة على العمل أليس من لازمها المحبة؟ لأنه لا يمكن أن يثيب على عمل إلا وهو يحبه، إذ العقل لا يمكن أن يحكم بأن أحداً يثيب على عمل وهو لا يحب العمل، العقل ينفي هذا، فإذا رجعنا إلى العقل صار العقل دليلاً عليه.

وحينئذ يجب أن نثبت المحبة بدون واسطة، فنقول: هي محبة حقيقية.

فلو أنكروا المحبة وقالوا: إن الله لا يحب فقد كذبوا القرآن، ولذلك نقول:إنكار حقيقة الصفات إن كان إنكار تكذيب وجحد فهو كفر،وإن كان إنكار تأويل فهذا فيه تفصيل:

1-إن كان للتأويل مساغ لم يكفر،لكنه خالف طريق السلف،فيكون بهذا الاعتبار فاسقاً مبتدعاً.

.2وإن كان التأويل لا مساغ له لم يقبل منه أبداً، ولهذا قال العلماء في الأيمان لو قال شخص: والله لا أشتري الخبز،وذهب واشترى خبزاً،فقلنا له: عليك كفارة، فقال: لا، أنا أردت بالخبز الثوب،فلا يقبل منه،لأن هذا ليس له مساغ في اللغة.

لكن لو قال: والله لا أنام إلا على فراش ثم خرج إلى الصحراء ونام عليها،وقلنا له:حنثت لأنك لم تنم على فراش،قال:أردت بالفراش الأرض كما قال الله عزّ وجل: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً )(البقرة: الآية22) فإنه يقبل، لأن هذا سائغ.

وعلى كل حال:طريق السلامة،وطريق الأدب مع الله،وطريق الحكمة أن نثبت لله ما أثبته لنفسه،سواء أدركته عقولنا أم لم تدركه،وأن ننفي ما نفاه الله عن نفسه سواء أدركته عقولنا أم لم تدركه،وأن نسكت عما سكت الله عنه.

.3أن الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس،أي أن يحبوه،سواء كانوا مسلمين أو كفاراً حتى نقول:لا حرج عليه أن يطلب محبة الكفار له، لأن الله عزّ وجل قال: ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )(الممتحنة: الآية8) ومن المعلوم أنه إذا برهم بالهدايا أو الصدقات فسوف يحبونه،أو عدل فيهم فسوف يحبونه،والمحذور أن تحبهم أنت، ولهذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل على البلد قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْنَا إِلَىأَهْلِهَا،وَحبَب صَالِحي أَهْلِهَا إِلَينَا" ، فلما أراد المحبة الصادرة منه قال: "صَالِحي أَهْلِهَا" ولما أراد المحبة الصادرة من الناس قال: حَبِّبنَا إِلَى أَهْلِهَا مطلقاً.

.4فضيلة الزهد في الدنيا، ومعنى الزهد: أن يترك مالا ينفعه في الآخرة.

وليس الزهد أنه لا يلبس الثياب الجميلة، ولا يركب السيارات الفخمة، وإنما يتقشف ويأكل الخبز بلا إدام وما أشبه ذلك، ولكن يتمتع بما أنعم الله عليه،لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وإذا تمتع بالملاذ على هذا الوجه صار نافعاً له في الآخرة،ولهذا لا تغتر بتقشف الرجل ولبسه رديء الثياب،فربَّ حية تحت القش،ولكن عليك بعمله وأحواله.

.5أن الزهد مرتبته أعلى من الورع، لأن الورع ترك ما يضر ، والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

.6أن الزهد من أسباب محبة الله عزّ وجل لقوله "ازهَد في الدنيَا يُحِبكَ اللهُ" ومن أسباب محبة الله للعبد وهو أعظم الأسباب: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران: 31)

.7الحث والترغيب في الزهد فيما عند الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعله سبباً لمحبة الناس لك، وهذا يشمل أن لا تسأل الناس شيئاً، وأن لاتتطلع وتعرِّض بأنك تريد كذا.

مثال الأول:أن ترى مع شخص من الناس ما يعجبك من قلم أوساعة، وتقول يا فلان : هذه ساعة طيبة،ألا تهديها عليَّ، فإن الهدية تذهب السخيمة، وتهادوا تحابوا، وأتى بالمواعظ من أجل أن يأخذ الساعة ، لكن إذا كان هذا ذكياً قال: وأنت أيضاً أهد عليَّ ساعتك ويأتي له بالنصوص.

أقول:إن سؤال الناس ما عندهم لا شك أنه من أسباب إزالة المحبة والمودة، لأن الناس يستثقلون هذا ويستهجنون الرجل ويستذلونه،واليد العليا خير من اليد السفلى.

مثال ثان: أن تعرض بأنك تريده كأن تقول:ما شاء الله هذا القلم الذي معك ممتاز،ليتني أحصل على مثله،وهذا كأنك تقول له:أعطني إياه.

فمثل هذا عليك أن تردعه، إذا طلب منك هذا فقل له: ابحث عنه في السوق، لأنني لا أحب أن الناس تدنو أنفسهم إلى هذا الحد، دع نفسك عزيزة ولا تستذل.

ولكن هنا مسألة: إذا علمت أن صاحبك لو سألته لسره ذلك، فهل تسأله؟

الجواب:نعم،لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى اللحم على النار قال: "ألم أرَ البرمة على النار" قالوا:يا رسول الله: هذا لحم تصدق به على بريرة، فقال: "هو لها صدقة، ولنا هدية"[230]،لأننا نعلم علم اليقين أن بريرة رضي الله عنها سوف تسر، فإذا علمت أن سؤالك يسر صاحبك فلا حرج والله الموفق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام مي
عضوه vib
عضوه vib
ام مي


بلد الإقامه : المملكة العربية السعودية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female62 عدد المساهمات : 9427
نقاط : 10857
التقييم : 55
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 42
المزاج : الحمد لله معتدل

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 15, 2011 5:43 pm

شرح الحديث الثاني والثلاثون من أحاديث الأربعين النووية

للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى



تابع الدرس (14) الحديث 32 إلى 42

وقال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)) حديث حسن، رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً، ورواه مالك في الموطأ عن عمرو بن يحيى.
مرسلاً، مرسلاً عن عمرو بن يحيى.
عن عمرو بن يحيى.
مرسلاً عن عمرو بن يحيى.
طالب: مش موجود هنا.
أو عندك مرسل في الأخير؟
طالب: في الأخير.
في مرسلاً في الأخير؟
طالب: إيه.
لا بأس.
عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً فأسقط أبا سعيد، وله طرق يقوي بعضها بعضاً.
وهذا كسابقه، يعني بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن، وفيه تعارض الوصل والإرسال، وعند ابن ماجه والدارقطني مسند، بمعنى أنه موصول، ذُكر فيه الصحابي أبو سعيد الخدري، وعند مالك مرسل، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- ما دام الدارقطني ذكره مسنداً، وهو من أشد الناس في هذا الباب، ومالك -رحمة الله عليه- لا يكترث من مسألة الوصل والإرسال؛ لأن المرسل عنده حجة، وكم من حديث في الصحيح في البخاري، وفي مسلم موصول بذكر الصحابي يرسله الإمام مالك -رحمه الله-؛ لأن المرسل عنده حجة، فالتعارض في مثل هذا، يعني إذا نظرنا من منهج من أرسل، وأن المرسل عنده حجة هان الأمر، لكن لو كان ممن يرد المرسل لقلنا: إن إرساله له شأن وله وقع، تجد الحديث في الصحيح موصول يذكر فيه الصحابي، في البخاري ومسلم، وقد يروونه من طريق مالك -رحمه الله- ويكون موصولاً، هو مالك في موطئه يسقط الصحابي؛ لأنه -رحمة الله عليه- يرى أن الإرسال لا يضر، وهنا يترجح الوصل في مثل هذه الصورة، وهذه الصورة من دقائق الصور في تعارض الوصل والإرسال، إذا عرفنا من منهج المرسل أنه يحتج بالمرسل، وأنه يكثر من الإرسال في الأحاديث التي يصلها غيره يكون الأمر سهل.
قال: "عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار))" هذه قاعدة، الحديث بني عليه قاعدة من القواعد الشرعية التي ذكرها أهل العلم واهتموا بها، وفرعوا عنها، والحديث وإن اختلف في وصله وإرساله إلا أن في القرآن ما يدل عليه باللفظ، {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [(233) سورة البقرة] {أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ} [(12) سورة النساء] في مواضع من هذا النوع، فالضرر منفي ابتداءً ومكافئةً، يعني لا يبتدئ الإنسان بالضرر، ولا يجيب من ضره بالضرر؛ لئلا يسعى إلى ضرر لا ابتداءً ولا مكافئة، لا بمفرده ولا في مقابل من ضره، نعم {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] لكن لا تزد على ذلك، لك أن تنتصر لنفسك بقدر المظلمة، لكن تزيد على ذلك لا يجوز، هذا مضارة مفاعلة بين اثنين، فلا يجوز للزوج أن يضار زوجته، كما أنه لا يجوز لها أن تضاره، الحضانة للأم إذا حصل الفراق، لكن قد تسعى هذه الأم لمضارة الزوج من خلال حضانة أولاده بأن تجعل العوائق والحوائل دون رؤيته لهم، هذه مضارة، وكذلك لا يضار الزوج زوجته لا وهي في عصمته وكذلك الزوجة ولا بعد الفراق بالأولاد وغيرهم؛ لأن الزوج قد يضار الزوجة، ولذا لا يضار يحتمل أن يكون مبنياً للمعلوم، ويحتمل أن يكون مبنياً للمجهول، وإذا فك الإدغام تبين المراد، فإما أن يكون الأصل لا يضارِر والد بولده، و يحتمل أن يكون لا يضارَر من قبل الزوجة أو من قبل بعض أهلها، فالضرر منفي، الضرر منفي، ولا يجوز إيصال الضرر إلى أحد بالنسبة للمسلم ظاهر، بالنسبة لغيره إذا كان معاهداً أو ذمياً أو مستأمناً أيضاً جاءت فيه النصوص، وأما الحربي فهو بصدد أن يقتل، فالأمر فيه سهل، دمه وماله حلال، لكن ليس لكل أحد، وإن كان دمه مباحاً، وماله مباح، لكن ليس لأفراد الناس أن يتصرفوا مثل هذه التصرفات، هذه لمن ولاه الله -جل وعلا- الأمر، فالحديث فيه تحريم الضرر: ((لا ضرر)) وهو نفي يراد به النهي، والنهي إذا جاء بصيغة النفي كان أبلغ وأشد؛ لأن هذه الصورة من الشدة والبشاعة بحيث يصح نفيها عن المجتمع الإسلامي، يعني أن الأصل أنها ما هي موجودة أصلاً فلا نحتاج إلى النهي عنها، هي منفية أصلاً، يعني لا يتصور أن المجتمع المسلم، أو مسلمين بينهم يحصل مثل هذا، كما قال بعض المغاربة بالنسبة لترك الصلاة في القرن السابع قال بعض المغاربة: إن الخلاف في كفر تارك الصلاة لفظي، وأهل العلم إنما يذكرونه من باب الإغراب في المسائل، إذ لا يتصور أن مسلماً يترك الصلاة، ما يتصور مسلم يترك الصلاة، يعني مثلما يقولون في الفرائض: توفي فلان، أو هلك هالك عن ألف جدة، يذكرونها من باب أنه لو...، كثير من المسائل التي يفترضونها مستحيلة الوقوع، وبعضها نادر الوقوع، ومن ذلك ترك الصلاة على قول هذا العالم المغربي، وهذا لا شك أنه نابع من طيبه وطيبة قلبه وسلامة مجتمعه، يعني ما سمع أن أحد يترك الصلاة، مسلم يترك الصلاة؟ ويش بقي له؟ كيف يدعي الإسلام وهو يترك الصلاة؟! وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، لكن خلوه يشوف عصرنا ويش لون، ينازع في كفر تارك الصلاة ثم يترك الصلاة، يعني ما كفر، وقد يكون ممن ينتسب إلى العلم، أما مسألة التهاون بالجماعة، مسألة التهاون بالوقت، ووجد في بيوت المسلمين من لا يصلي ألبتة، -نسأل الله السلامة والعافية-، وقبل أن تفتح الدنيا، وتبسط على الناس، ويكثر اختلاط المسلمين بغيرهم ما كان يتصور مثل هذا، وكانت الفتوى على طرد الولد من البيت إذا تساهل في الصلاة، يسأل يقول: أوقظه لصلاة الفجر ثم إذا جئت إذا به في فراشه، هذا ما يترك الصلاة، لكن يتكاسل، قال: هذا الولد لا خير فيه اطرده من البيت، ويش بقي بعد الصلاة؟ هذا قبل ثلاثين سنة؛ لأنه إذا طرد من البيت تأدب ثم يرجع إلى بيته، الآن إذا طرد من البيت تلقفه ألف شيطان، وخشي عليه من مصائب وجرائم متعدية، فلا يفتى الإنسان بأن يطرد ولده من البيت؛ لأنه تساهل في الصلاة وتهاون، والله المستعان.
((لا ضرر ولا ضرار)) يقول: حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسنداً، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسقط أبا سعيد، وله طرق يقوي بعضها بعضاً.
على كل حال الحديث بمجموع هذه الطرق يصل إلى درجة القبول، وإن لم يكن صحيحاً، لكنه حسن، واعتمده أهل العلم، وبنوا عليه قاعدة، وفرعوا لها فروع كثيرة، والوقت لا يستوعب ذكر هذه الفروع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام مي
عضوه vib
عضوه vib
ام مي


بلد الإقامه : المملكة العربية السعودية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female62 عدد المساهمات : 9427
نقاط : 10857
التقييم : 55
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 42
المزاج : الحمد لله معتدل

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 15, 2011 5:44 pm

شرح الحديث الثالث والثلاثون من أحاديث الأربعين النووية

للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى



تابع الدرس (14) من الحديث 32 إلى 42

قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن أبي سعيد -رضي الله عنهما-...
انتهينا من هذا.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) حديث حسن رواه البيهقي وغيره هكذا، وبعضه في الصحيحين.
وغيرُه.
وغيرُه هكذا، وبعضه في الصحيحين.
في الحديث الثالث والثلاثين يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم)) يعني لو كل إنسان أعطي ما يدعي، كل إنسان يدعي شيئاً يعطاه، ((لادّعى رجال)) وأيضاً نساء، ((أموال قوم ودماءهم)) ولكن هناك قاعدة شرعية للخصومات، ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) المدعي جانبه ضعيف؛ لأنه يدعي شيئاً ليس بيده، والمدعى عليه جانبه قوي؛ لأنه يدعى عليه شيء أنه ليس له وهو بيده وفي حزته وفي ملكه وفي قبضته، فاشترط لصاحب الجانب الضعيف البينة التي هي أقوى، وطلب من المدعى عليه صاحب الجانب القوي ما لا يطلب من المدعى عليه، فجانب المدعي ضعيف يحتاج إلى من يدعمه بشهادة غيره، وجانب المدعى عليه هو الأقوى فاكتفي بيمينه ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) لأن الأصل أن من أنكر أن الذي بيده له، فيكتفى بيمينه، يقبل قوله لكن بيمينه، لتكون هذه اليمين في مقابل الدعوة، هناك احتمال أن يكون المدعي صادق في دعواه لكن ليست لديه بينة، فجعل في مقابل هذا الاحتمال اليمين، ولا يضيره أن يحلف ولا ينقصه أن يحلف إذا كان صادقاً ((البينة على المدعي)) ((لو يعطى الناس بدعواهم)) لأن كل إنسان غرس فيه حب المال ومتع الدنيا وما يستفاد منه فيها، فتجده من باب الأثرة والاستئثار بالشيء دون الغير قد يكذب في دعواه، قد يكذب فيقول: هذا المتاع لي، وهذه الدراهم لي، وهذه الأرض لي، فلو كل من قال: هذا لي يعطى لتطاول الناس على أملاك الغير وادعوها ((لادعى رجال أموال قوم ودماءهم)) يدعي على هذا أن هذا المال له، وأن هذا قتل أباه أو أخاه، لكن القاعدة الشرعية: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) ادعيت هات، الدعوة لا تقبل إلا ببينة {هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} [(111) سورة البقرة] فإذا لم يجد بينة، وبينة مقبولة شرعاً لها شروط، والأصل فيها الشهادة {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} [(282) سورة البقرة] الأصل فيها الشهادة، هذه هي البينة، ومن أهل العلم من يرى أن كل ما يبين إصابة المدعي، وأنه محق يقوم مقام الميت، ويجعلون القرائن القوية بمثابة البينة، وقرر هذا ابن القيم في الطرق الحكمية، يعني لو أن شخصاً على رأسه عمامة وبيده عمامة، والآخر أصلع ما عليه شيء، ادعى هذا الأصلع الذي ما على رأسه شيء أن هذا أخذ عمامته، في هذه الصورة يقوى جانبه، جانب المدعي، وما جرت العادة أن الإنسان يلبس عمامة وبيده عمامة، وجرت عادة هذا الشخص أنه لا يمشي إلا بعمامة، وقل مثل هذا في اختلاف الأعراف، لو أن شخصاً جاء حاسر الرأس، وشخص على رأسه شماغ، ومعروف أن هذا ليس من عادته أن يلبس الشماغ، وليس من عادة ذاك أن يحسر الرأس، يقوى جانبه، ولو كان العكس أن هذا الذي عليه شماغ جرى عرفهم وعادتهم في بلدهم واستمر على ذلك أنه يمشي حاسر الرأس، والثاني ما جرت العادة أنه يمشي حاسر الرأس، المقصود أن القرائن القوية تنزل منزلة البينات عند ابن القيم وجمع من أهل العلم، وإلا فالأصل أن البينات محددة في كل باب من أبواب الدين، منها ما يكون بشهادة رجلين، ومنها ما يكون بشهادة أربعة، ومنها ما يكون بشهادة رجل وامرأتين، ومنها ما يقبل فيه قول المرأة، ومنها ما يقبل فيه قول الرجل إذا ادعى على زوجته وهكذا، الأمور مفصلة في باب الدعاوى والبينات من كتب العلماء، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، إذا لم يحضر المدعي البينة طلب القاضي من المدعى عليه أن يحلف، افترض أن هذا المدعى عليه نكل عن اليمين، وقال: أنا ما أحلف، حطام الدنيا كله ما يسوى عندي أن أحلف بالله -جل وعلا- ولو كنت صادقاً، من أهل العلم من يحكم عليه بالنكول، ومنهم من يرد اليمين على المدعي، ما عندك بينة ما عندك بينة، احلف يا فلان، والله ما أنا بحالف، الدنيا كلها ما تسوى اليمين، طيب ترضى بيمين صاحبك؟ خلاص يرضى، منهم من يحكم عليه بمجرد النكول، ومنهم من يقول: ترد اليمين على المدعي، والمسألة خلافية، ولا شك أن رد اليمين على المدعي أقوى من مجرد الحكم بالنكول؛ لأنها قبلت في طرف، فلما رفض هذا الطرف الذي اكتفي بها منه تحول على الثاني، مع أن الإمام مالك -رحمه الله- قال: لا أعلم أحداً قال برد اليمين، مع أن القضاة في عصره كابن أبي ليلى وابن شبرمة يقولون برد اليمين، ولا شك أن كون المدعي يحلف أسهل من كونه يأخذ ما ادعاه من غير بينة ولا يمين.
قال: "حديث حسن رواه البيهقي وغيره، وبعضه في الصحيحين" بعضه فيه الصحيح: ((البينة على من ادعى)) هذه موجودة في الصحيح، وتكملته وأوله ليس في الصحيح، وعلى كل حال للمخرج أن يقول: وأصله في الصحيح، رواه البيهقي وغيره وأصله في الصحيح، يعني أصل الحديث وجزء منه، وجزء له أثر في الحكم في الصحيح، وعلى كل حال الحديث صالح للحجة، نعم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:05 pm


شرح الحديث الرابع والثلاثون من الأربعين النووية للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين

عَنْ
أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ يَقولُ:
مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ
فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الإيمَانِ (197) رواه مسلم. الشرح مَنْ اسم شرط جازم،و: رأى فعل
الشرط،وجملة فَليُغَيرْه بَيَدِه جواب الشرط. وقوله: مَنْ رَأَى هل المراد
من علم وإن لم يرَ بعينه فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر
بيقين وما أشبه ذلك، أو نقول: الرؤيا هنا رؤية العين، أيهما أشمل؟ الجواب
:الأول،فيحمل عليه،وإن كان الظاهر الحديث أنه رؤية العين لكن مادام اللفظ
يحتمل معنى أعم فليحمل عليه. وقوله: مُنْكَراً المنكر:هو ما نهى الله عنه
ورسوله ،لأنه ينكر على فاعله أن يفعله. فَلْيُغَيِّرْهُ أي يغير هذا المنكر
بيده. مثاله: من رأى مع شخص آلة لهو لا يحل استعمالها أبداً فيكسرها.
وقوله: مُنْكَرَاً لابد أن يكون منكراً واضحاً يتفق عليه الجميع، أي المنكر
والمنكر عليه،أو يكون مخالفة المنكر عليه مبينة على قول ضعيف لا وجه له.
أما إذا كان من مسائل الاجتهاد فإنه لا ينكره. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أي
إن لم يستطع أن ينكره بيده فَبِلِسَانِهِ أي فلينكره بلسانه ويكون ذلك:
بالتوبيخ،والزجر وما أشبه ذلك،ولكن لابد من استعمال الحكمة، كما سيأتي في
الفوائد إن شاء الله، وقوله بِلِسَانِهِ هل نقيس الكتابة على القول؟
الجواب: نعم، فيغير المنكر باللسان، ويغير بالكتابة، بأن يكتب في الصحف أو
يؤلف كتباً يبين المنكر. فَإنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ أي فلينكر
بقلبه، أي يكرهه ويبغضه ويتمنى أن لم يكن. وَذَلِكَ أي الإنكار بالقلب
أَضْعَفُ الإِيْمَانِ أي أضعف مراتب الإيمان في هذا الباب أي في تغيير
المنكر. من فوائد هذا الحديث: 1-أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى جميع
الأمة إذا رأت منكراً أن تغيره،ولا يحتاج أن نقول: لابد أن يكون عنده
وظيفة،فإذا قال أحد: من الذي أمرك أو ولاك؟ يقول له؟النبي صلى الله عليه
وسلم لقوله مَنْ رَأَى مِنْكُمْ . .2أنه لا يجوز إنكار المنكر حتى يتيقن
المنكر، وذلك من وجهين:الوجه الأول: أن يتيقن أنه منكر. والوجه الثاني:أن
يتيقن أنه منكر في حق الفاعل،لأن الشيء قد يكون منكراً في حد ذاته،لكنه ليس
منكراً بالنسبة للفاعل. مثال ذلك: الأكل والشرب في رمضان،الأصل أنه منكر،
لكن قد لا يكون منكراً في حق رجل بعينه:كأن يكون مريضاً يحل له الفطر،أو
يكون مسافراً يحل له الفطر. .3أنه لابد أن يكون المنكر منكراً لدى
الجميع،فإن كان من الأمور الخلافية فإنه لا ينكر على من يرى أنه ليس
بمنكر،إلا إذا كان الخلاف ضعيفاً لا قيمة له،فإنه ينكر على الفاعل، وقد
قيل: وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له حظ من النظر فلو رأيت رجلاً
أكل لحم إبل وقام يصلي،فلا تنكر عليه،لأن المسألة خلافية،فبعض العلماء يرى
أنه يجب الوضوء من أكل لحم الإبل، وبعضهم لا يرى هذا،لكن لا بأس أن تبحث
معه وتبين له الحق. ولو رأيت رجلاً باع عشرة ريالات من الورق بأحد عشر، فهل
تنكر عليه أو لا تنكر؟ الجواب:لا أنكر،لأن بعض العلماء يرى أن هذا
جائز،وأنه لا ربا في الأوراق، لكني أبين له في المناقشة أن هذا منكر، وعلى
هذا فقس. فإن قال قائل:ما موقفنا من العوام،لأن طالب العلم يرى هذا الرأي
فلا ننكر عليه،لكن هل نقول للعوام اتبعوا من شئتم من الناس؟
الجواب:لا،العوام سبيلهم سبيل علمائهم، لأنه لو فتح للعامي أن يتخير فيما
شاء من أقوال العلماء لحصلت الفوضى التي لا نهاية لها ، فنقول:أنت عامي في
بلد يرى علماؤه أن هذا الشيء حرام،ولا نقبل منك أن تقول:أنا مقلد للعالم
الفلاني أو العالم الفلاني. وهل قوله : فَلْيُغَيِّرْهُ بيدهِ على إطلاقه،
بمعنى أنه مع القدرة يغير على كل حال؟ الجواب:لا،إذا خاف في ذلك فتنة فلا
يغير،لأن المفاسد يدرأ أعلاها بأدناها، كما لو كان يرى منكراً يحصل من بعض
الأمراء،ويعلم أنه لو غير بيده استطاع،لكنه يحصل بذلك فتنة:إما عليه
هو،وإما على أهله،وإما على قرنائه ممن يشاركونه في الدعوة والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، فهنا نقول: إذا خفت فتنة فلا تغير،لقوله تعالى: ( وَلا
تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ
عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )(الأنعام: من الآية108) .4أن اليد هي آلة الفعل،
لقوله: فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ لأن الغالب أن الأعمال باليد،ولذلك تضاف
الأعمال إلى الأيدي في كثير من النصوص،مثل قوله: (فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ)(الشورى: من الآية30) والمراد: بما كسبتم بأيديكم أو أرجلكم أو
أعينكم أو آذانكم. .5أنه ليس في الدين من حرج،وأن الوجوب مشروط
بالاستطاعة، لقوله: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ وهذه قاعدة عامة
في الشريعة،قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: من الآية16) وقال عزّ وجل: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة: من الآية286) وقال النبي صلى الله عليه
وسلم مَا نَهَيتُكُم عَنهُ فَاجتَنِبوهُ،وَمَا أَمَرتُكُم بِهِ فَأتوا
مِنهُ مَا استَطَعتُم (198) وهذا داخل في الإطار العام أن الدين يسر. .6أن
الإنسان إذا لم يستطع أن يغير باليد ولا باللسان فليغير بالقلب،وذلك بكراهة
المنكر وعزيمته على أنه متى قدر على إنكاره بلسانه أو يده فعل. فإن قال
قائل:هل يكفي في إنكار القلب أن يجلس الإنسان إلى أهل المنكر ويقول:أنا
كاره بقلبي؟ فالجواب :لا،لأنه لو صدق أنه كاره بقلبه ما بقي معهم ولفارقهم
إلا إذا أكرهوه،فحينئذ يكون معذوراً. .7أن للقلب عملاً، لقوله: فَإن لَم
يَستَطِع فَبِقَلبِهِ عطفاً على قوله: فَليُغَيرْهُ بيَدِهِ وهو كذلك.
فالقلب له قول وله عمل، قوله عقيدته، وعمله حركته بنية أو رجاء أو خوف أو
غير ذلك. .8أن الإيمان عمل ونية،لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه
المراتب من الإيمان، والتغيير باليد عمل،وباللسان عمل، وبالقلب نية، وهو
كذلك، فالإيمان يشمل جميع الأعمال،وليس خاصاً بالعقيدة فقط،لقول النبي صلى
الله عليه وسلم: الإيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَة، أو قال: وَستونَ
شُعبَة، أَعلاهَا: قَولُ لاَ إِلهَ إِلا الله، وَأَدناهَا إِماطَةُ الأَذَى
عَنِ الطَريقِ (199) فقول: لا إله إلا الله قول لسان، وإماطة الأذى عن
الطريق فعل الجوارح والحياء وهذا عمل قلب مِنَ الإيمَانِ ولا حاجة أن نقول
ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم :هل الأعمال من كمال الإيمان أو من
صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له،أي إنسان يسألك ويقول: هل الأعمال شرط
لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟ نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف
منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير،ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم
هذا السؤال، إذاً يسعك ما يسعهم. إذا دلّ الدليل على أن هذا العمل يخرج به
الإنسان من الإسلام صار شرطاً لصحة الإيمان، وإذا دلّ دليل على أنه لا يخرج
صار شرطاً لكمال الإيمان وانتهى الموضوع،أما أن تحاول الأخذ والرد
والنزاع، ثم مَنْ خالفك قلت:هذا مرجىء. ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد
قلت،هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح. فلذلك مشورتي للشباب ولطلاب العلم أن
يدعوا البحث في هذا الموضوع، وأن نقول: ما جعله الله تعالى ورسوله شرطاً
لصحة الإيمان وبقائه فهو شرط، وما لا فلا ونحسم الموضوع(200) . فإن قال
قائل: قوله: فَليُغَيرهُ بيَدِهِ هل هذا لكل إنسان؟ فالجواب:ظاهر الحديث
أنه لكل إنسان رأي المنكر، ولكن إذا رجعنا إلى القواعد العامة رأينا أنه
ليس عاماً لكل إنسان في مثل عصرنا هذا، لأننا لو قلنا بذلك لكان كل إنسان
يرى شيئاً يعتقده منكراً يذهب ويغيره وقد لا يكون منكراً فتحصل الفوضى بين
الناس. نعم راعي البيت يستطيع أن يغير بيده،لأنه هو راعي البيت،كما أن راعي
الرعية الأكبر أو من دونه يستطيع أن يغير باليد . وليعلم أن المراتب ثلاث:
دعوة، أمر، تغيير، فالدعوة أن يقوم الداعي في المساجد و في أي مكان يجمع
الناس ويبين لهم الشر ويحذرهم منه ويبين لهم الخير ويرغبهم فيه. والآمر
بالمعروف والناهي عن المنكر هو الذي يأمر الناس ويقول: افعلوا ،أو ينهاهم
ويقول لهم : لا تفعلوا . ففيه نوع إمرة. والمغير هو الذي يغير بنفسه إذا
رأى الناس لم يستجيبوا لدعوته ولا لأمره ونهيه،والله الموفق
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:07 pm

متن الحديث:





عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: {
لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على
بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا
يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا }
ويشير شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Article_salla إلى صدره ثلاث مرات { بحسب امرىء أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه }.

[رواه مسلم:2564].




شرح الحديث:








هذا الحديث أصل في حق المسلم على المسلم، وفيما ينبغي أن يكون بين المسلمين من أنواع التعامل، قال فيه -عليه الصلاة والسلام-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 .

الحديث.

قوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تحاسدوا، ولا تناجشوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 …إلى آخره هذا نهي، وكما هو معلوم أن النهي يفيد التحريم في مثل هذا، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تحاسدوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1
يعني: أن الحسد محرم، وقد جاءت أحاديث كثيرة فيها بيان تحريم الحسد، وأنه
يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وكذلك التناجش محرم، وقد نهى النبي
-صلى الله عليه وسلم- عن النجش في غير ما حديث، وكذلك التباغض والتدابر
وأشباه هذا مما يزيل المحبة، أو يزيل الألفة بين المسلمين، فإنه ممنوع منع
تحريم.

قوله -عليه الصلاة والسلام-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تحاسدوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1الحسد:
فسر بعدة تفسيرات، ومنها: أن الحسد: تمني زوال النعمة عن الغير، وأيضا من
الحسد أن يعتقد أن هذا الذي أنعم الله عليه ليس بأهل لهذه النعمة، ولا
يستحق فضل الله -جل وعلا- ولهذا فحقيقة الحسد اعتراض على قضاء الله -جل
وعلا- وعلى قدره ونعمته؛ فلهذا كان شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1فليس
الحسد مقتصرا على أنه يأثم به صاحبه فقط، بل يذهب بعض حسنات صاحبه؛ لأنه
ينطوي على اعتقاد خبيث وعلى ظن سوء بالله -جل وعلا- حيث قام في قلبه أن هذا
ليس بأهل لفضل الله -جل وعلا- ونعمته، ونحو هذا ما يستعمله بعض العامة حيث
يقول بعضهم: هذا حرام أن يعطى كذا وكذا، هذا حرام أن تكون عنده هذه
النعمة، هذا حرام أن يكون عنده المال، وأشباه ذلك مما فيه ظن سوء بالله -جل
وعلا- واعتراض على قدر الله، وعلى نعمته، وعلى رزقه الذي يصرفه كيف يشاء.

فالواجب إذن على المسلم أن يفرح لأخيه المسلم بما أنعم الله عليه، وقد مر معنا في الحديث: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1والحسد
بضد ذلك، فإن الحاسد لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، بل إما أن يتمنى زوال
النعمة عن أخيه، أو أنه يعتقد، ويظن أن أخاه ليس بأهل لما أعطاه الله -جل
وعلا-.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا تناجشوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1وهذا
-أيضا- يدل على تحريم النجش، وقد تقرر في الأصول أن النهي إذا تسلط على
المضارع، فإنه يعم أنواع المصدر؛ لأن المضارع عبارة عن حدث وزمن، فتسلط
النفي على الحدث تسلط النفي أو النهي على الحدث، والحدث نكرة فعم أنواعا.

إذن نقول هنا: في قوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تحاسدوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 يعم جميع أنواع الحسد، وقوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تناجشوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعم
جميع أنواع النجش بالسكون، أو النجش بالتحريك، والنجش، أو النجش فسر بعدة
تفسيرات، وأعمها التفسير اللغوي، وهو أن النجش: أن يسعى في إبطال الشيء
بمكر واحتيال وخديعة، أو هو السعي بالمكر والخداع والحيلة، وهذا عام يشمل
جميع أنواع التعامل مع المسلمين، فإذن قوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا تناجشوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1أي:
لا يسعى بعضكم مع بعض بالخداع والحيلة والمواربة وأشباه ذلك من الصفات
المذمومة، ويدخل في هذا النجش الخاص، وهو المستعمل في البيع بأن يزيد في
السلعة من لا يرغب في شرائها؛ لأن هذا سعي في ازدياد السعر بمكر وحيلة
وخداع، فهو سمى ذلك بالنجش، أو النجش؛ لأنه فيه المكر والخداع والحيلة،
فيمنع.

ويحرم
أن يسعى المسلم مع إخوانه المسلمين بالحيلة والخداع والمكر بأي نوع، بل
المسلم مع إخوانه يسير على نية طيبة، وعلى أن يحب لهم ما يحب لنفسه، وألا
يخدعهم، ولا يغرر بهم، بل يكون معهم كما ينبغي، أو كما يحب أن يكونوا معه،
وزيادة المرء في السعر، وهو لا يريد الشراء حين السوم على السلعة هذا من
أنواع الحيلة والخداع؛ ولهذا فهو منهي عنه ومحرم يأثم به صاحبه إثم
المحرمات.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا تباغضوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1والتباغض
هنا -أيضا- عام في كل ما يكون سببا لحدوث البغضاء من الأقوال والأعمال،
فكل قول يؤدي إلى البغض، فأنت منهي عنه، وكل فعل يؤدي إلى التباغض، فأنت
منهي عنه، فالمؤمن مأمور بأن يسعى بما فيه المحبة بين إخوانه المؤمنين،
وأما ما فيه من التباغض، فهو حرام أن يسعى فيه بقوله، أو قلمه، أو كلامه،
أو عمله، أو تصرفاته، أو إشاراته، أو لحظه حتى إن الرجل لا ينبغي له أن
يبغض، بل لا يسوغ له أن يبغض أي مسلم كان؛ لأنه قد أحبه لما معه من الإسلام
والتوحيد، وهذا يجبر غيره، وإن أبغضه بغضا دينيا فهذا لا حرج، لكن البغض
الدنيوي هو الذي نهى عنه هنا.

فسبب
البغض إذا كان دينيا مشروعا، فهذا مطلوب، ولا بأس به، لكن بالنسبة للمسلم
فإنه لا يبغض بالجملة، بل يجتمع في حق المؤمن، أو في حق المسلم ما يكون معه
الحب له، وهو ما معه من الإيمان والتوحيد والطاعة، وما يكون معه البغض له،
وهو ما قد يكون يقترفه من الإثم والعصيان.

فإذن في المؤمن والمسلم يجتمع الموجبان في الدين الحب والبغض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- هنا قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا تباغضوا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1قال
العلماء: هذا في السعي فيما فيه التباغض في أمر الدنيا، أما إذا كان لأمر
شرعي وديني، فإن هذا مطلوب، ولا يدخل في هذا النهي، والسعي في البغضاء
بأنواع كثيرة، وحتى الرجل مع أهله ينبغي له أن يسعى فيما فيه المودة
والمحبة وألا يبغض، وإذا حصلت البغضاء، فإنه ينظر كما قال النبي -صلى الله
عليه وسلم-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 يعني: لا يبغض مؤمن مؤمنة.

وهكذا
قاعدة عامة أن المؤمن لا يسوغ له أن يبغض مؤمنا، يعني: بعامة، بل ينظر
إليه إن حصل في قلبه بغضاء، فينظر إلى أخيه المؤمن، وينظر ما معه من الخير
والإيمان والطاعة، فيعظم جانب طاعته لله على نصيب نفسه، وحظ نفسه، فتنقلب
البغضاء عنده هونا ما، ولا يكون بغيضا له بغضا تاما، أو ما يوجب المقاطعة،
أو المدابرة.

قال بعدها -عليه الصلاة والسلام-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا تدابروا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
لا تسعوا في قول، أو عمل تكونوا معه متقاطعين؛ لأن التدابر أن يفترق الناس
كل يولي الآخر دبره، وهذا يعني: القطيعة والهجران، وهجر المسلم وقطعه حرام
إذا كان لأمر دنيوي، فالهجر ينقسم إلى قسمين: هجر لأمر الدين، وهذا له
أحكامه المختصة، وضابطها: أنه يجوز هجر المسلم لأجل الدين إذا كان فيه
مصلحة لذلك الهجر، وهذا كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- المخلفين
الثلاثة في غزوة تبوك وأمثال ذلك.

والقسم الثاني: الهجر
لغرض دنيوي أن يهجر المسلم أخاه لغرض له للدنيا؛ لإيذاء… أذاه، أو لشيء
وقع في قلبه عليه، فالهجر إذا كان للدنيا فللمسلم أن يهجر أخاه للدنيا إلى
ثلاثة أيام وما بعدها، فحرام عليه أن يهجره، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة
والسلام- أنه قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا يهجر مسلم أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 .

قال
العلماء: الهجران إلى ثلاث مأذون به في أمر الدنيا، يعني: إذا كان لك هذا
لحظ نفسك، أما… هذا لحظ نفسك إلى ثلاثة أيام وما بعدها، فحرام أن تهجر أخاك
فوقها، وخير الرجلين الذي يبدأ بالسلام، أما أمور الدين فهذه بحسب المصلحة
-كما ذكرنا في القسم الأول-، قد يكون هجرانا إلى أسبوع، أو إلى شهر، أو
يوم بحسب ما تقضي به مصلحة المهجور.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا يبع بعضكم على بيع بعض شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1وهو
-مثلا- أن يقول… لمن أراد أن يشتري سلعة بعشرة أن يعطيك مثلها بتسعة، أو
لمن أراد أن يبيع سلعة بعشرة: أنا آخذها منك بإحدى عشر، وأشباه ذلك يعني:
أنه يغريه بألا يشتري من أخيه، أو أن يبيع عليه، ففي هاتين الصورتين حصل
بيع على بيع المسلم، وهنا حرم النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا يبع بعضكم على بيع بعض شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1وهذا
مشروط بأن الذي يعرض الشراء من هذا الذي يريد أن يبيع شيئا، أو يعرض البيع
لهذا الذي يريد أن يشتري شيئا بأكثر في الأول، وأقل في الثاني، هذا مشروط
بأنه حصل بين الأول، ومن يريد أن يبيعه، أو أن يشتري منه انفصال وتراض.

مثلا:
يأتي إلى صاحب دكان ويقول: أنا أريد أن أشتري هذه، فيتفاصلان على أنه
سيشتريها بكذا، وهذا راض، سيشتريها فيأتي أحد ويقول: تعال، أنا أعطيك مثلها
بكذا وكذا بأنقص، أو أشباه ذلك، فإذا كان هناك رضا من البائع للسلعة على
من يبيع عليه، أو رضا ممن يشتري، وتفاصل بينه وبين من أراد الشراء منه، أو
البيع عليه، فإنه هنا يحرم أن يدخل أحد، فيتدخل في هذا المبيع إذا تفاصلا
وتراضيا، وهنا يعني: تمت مقدمات العقد بالاتفاق على الثمن، والعزم على
الشراء، فإنه لا يجوز لأحد أن يدخل، ونفهم من هذا أنه لو تدخل قبل أن يعقد
هذا، وهذا يعني: ما دام أنه بفترة النظر انتقل من دكان إلى دكان وأشباه
ذلك، فهذا لا بأس به.

فيشترط
لتحريم البيع على بيع أخيه بما كان فيه تفارق بالقول، أو انفصال في القول
بالعزم على الشراء، أو العزم على البيع إذا حصل العزم وأجابه البائع، أو
المشتري، فإنه لا يجوز التدخل في ذلك، في أمثالها، مثل: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1فإن
المرء إذا تقدم إلى أحد خاطبا، وسمع به فلان من الناس، سمع أن فلانا خطب،
فإن ردوا عليه بالرضا، فإنه لا يجوز لأحد أن يأتي ويقول: أنا أريد ابنتكم،
ممن علم أنهم أجابوه ورضوا به، لكن قبل أن يجيبوه بالرضا له أن يدخل كخاطب
من الخطاب، وهكذا في هذه المسألة في قوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا يبع بعضكم على بيع بعض شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 .

قال -عليه الصلاة والسلام- بعدها: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 وكونوا عباد الله إخوانا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 حققوا أخوة الدين، إذ قال -جل وعلا-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB2 وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB1 وقال -جل وعلا-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB2 إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB1 شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 .

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 لا يظلمه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
لا يظلمه في ماله، ولا يظلمه في عرضه، ولا يظلمه في أهله، ولا يظلمه في أي
أمر اختص به، بل يعدل معه، ويكون خليفته في ماله وأهله وعرضه؛ ولهذا جاءت
الشريعة، وهذا من محاسنها العظيمة في أن يتحلل المرء إخوانه فيما وقع منه
عليهم من المظالم.

وقد ثبت في الصحيح، صحيح أبي عبد الله البخاري أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 من كانت عنده لأخيه مظلمة - بكسر اللام - في مال، أو عرض، فليتحلله منه اليوم قبل أن يكون يوم لا درهم فيه ولا دينار شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
من اغتاب، أو من وقع في عرض إخوانه، أو من اعتدى على بعض… فعليه أن يرد
هذه المظالم، فإن كان في ردها مشقة عليه، فيوسط أحدا …إلى آخره.

المقصود
أنه يجب أن يرد المظالم، وفي الغيبة تفصيل للعلماء من أنه إذا ذكر لمن
اغتابه، أنه قد اغتابه، وهذا يؤدي إلى حصول منازعة ومشاقة في إخباره بغيبته
إياه وطلبه تحليله، فإنه يترك هذا الإخبار، ويكتفي منه بالاستغفار له،
وكثرة الدعاء له، لعلها أن تشفع في تكفير غيبته أو النيل منه.

وهذا
من السنن التي ينبغي لنا أن نتعاهدها في أن يحلل بعضنا بعضا، وإذا سأل أحد
أخاه أن يحلله، فيستحب له أن يقول: حللك الله، وأنت في حل مني، وأشباه ذلك
دون سؤال له ماذا قلت؟ وماذا فعلت؟ وبأي شيء اعتديت علي؟ وأشباه ذلك كما
قرر العلماء.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا يخذله شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1لا
يخذله، الخذلان: ترك الإعانة والنصرة، والمسلم ولي المسلم، يعني: محب له،
يعني: أن المسلم محب للمسلم، ناصر له، وخذل المسلم للمسلم… وخذلانه له
ينافي عقد المولاة الذي بينهما؛ ولهذا تضمن عقد المولاة في قوله: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB2 وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB1 أن خذل المسلم للمسلم لا يجوز، إذا كان في مقدرته أن يعينه، وأن ينصره ولو بالدعاء.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا يكذبه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
لا يقول له: أنت كاذب، وكلما أخبره بخبر قال: هذا كاذب، وأنت كاذب؛ لأن
الأصل في المسلم أنه لا يكذب، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قيل
له: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 أيزني المؤمن؟ قال: نعم، قيل له: أيسرق المؤمن؟ قال: نعم. قال له: أيكذب المؤمن؟ قال: لا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1لأن
الكذب خصلة تستحكم من صاحبها، وتستمر معه، فيكون معه خصلة من خصال النفاق،
وأما ما يقع من زنا الشهوة، ومن سرقة الشهوة وأشباه ذلك، فإنها عارض يعرض،
ويزول، ويرتفع معه الإيمان حتى يكون فوق صاحبه كالظلة، ثم إذا فارق
المعصية عاد إليه، وأما الكذب، فإنه إذا استمر بصاحبه، فإنه يدل ويهدي إلى
الفجور، والفجور يهدي إلى النار، فقوله هنا -عليه الصلاة والسلام-: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا يكذبه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 يدخل فيه أن يكذب في الحديث.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ولا يحقره شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
لا يحتقر المسلم أخاه المسلم بأن يعتقد، أو أن يأتي في خاطره أن هذا وضيع،
وأن هذا أقل قدرا منه، وأن هذا مرذول، إما لأجل نسب، أو لأجل صناعة، أو
لأجل بلد، أو لأجل معنى من المعاني،، بل الإسلام هو الذي رفع المسلم، وجعله
مكرما مخصوصا من بين المخلوقات؛ ولهذا فإن المسلم عند الله -جل وعلا- كريم
عزيز، وتحقير المسلم يخالف أصل احترام المسلم لما معه من التوحيد
والإيمان، فهذا البدن الذي أمامك -بدن المسلم- يحمل عقيدة التوحيد، وحسن ظن
بالله، ومعرفة بالله وعلم بالله بحسب ما عنده من الإسلام والإيمان والعلم،
وهذا ينبغي معه ألا يحتقر، بل يحترم لما معه من الإيمان والصلاح.

وهذه
يتفاوت الناس فيها كلما كان الإيمان والصلاح والإسلام والتوحيد والطاعة،
والسنة أعظم في المرء المسلم، كان أولى بأن يكرم، ويعز وأن يبتعد عن
احتقاره، ويقابله المشرك، فإنه مهما كان من ذوي المال، أو ذوي الجاه، أو
ذوي الرفعة، فإن جسده فيه روح خبيثة حملت الشرك بالله، والاستهزاء بالله
ومسبة الله جل وعلا.

والمحب
لله -جل وعلا- يكره، ويحتقر هذا الذي معه الاستهزاء بالله والنيل من الله
-جل وعلا- وادعاء الشريك معه، فإذا يعظم المسلم أخاه المسلم، ويحترمه، ولا
يحتقره بما معه من الإيمان والتوحيد.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 التقوى محلها القلب، وهذا معنى إشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صدره ثلاث مرات.

ونختصر بالكلام؛ لأن الوقت يمضي سريعا.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1دم
المسلم حرام أن يسفك بغير حق، وكذلك ماله حرام أن يؤخذ بغير حق، وكذلك
عرضه حرام أن ينال منه بغير حق، فالنيل من الأعراض بالغيبة والنميمة، أو أن
ينال من أهل الرجل، أو من أسرته، أو أن يتصرف في ماله بغير إذنه، أو أن
يأخذ ماله، أو أن يعتدي على شيء من أملاكه، وكذلك أن يعتدي على دمه، وهذا
أعظمه، هذا كله حرام.

والشريعة
جاءت بتحقيق هذا الأمر فيما بين المسلمين، وفي مجتمع الإسلام بأن تكون
الدماء حراما، والأموال حراما، والأعراض حراما، وقد ثبت في الصحيح من حديث
أبي بكرة - رضي الله عنه - أنه -عليه الصلاة والسلام- قال في خطبته يوم
عرفة: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:08 pm


شرح الحديث السادس والثلاثون من أحاديث الأربعين النووية



للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى




تابع الدرس
(14) من الحديث 32 إلى 42


وقال المؤلف -عليه رحمة الله-:


عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من
نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره
الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن
سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع
قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم
السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ
به عمله لم يسرع به نسبه)) رواه مسلم بهذا اللفظ.

نعم في الحديث السادس والثلاثين يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)).

في بعض الأحاديث: ((من فرج عن مسلم)) ((من نفس))
التنفيس التخفيف، فمن خفف هذه الكربة خفف الله عنه كربة من كرب يوم
القيامة، ومن أزال هذه الكربة بالكلية أزال الله عنه كربة من كرب يوم
القيامة، والجزاء من جنس العمل، من نفس عن مؤمن كربة يدخل في هذا المسلم؛
لأن له من الحق على أخيه ما له، لكن كل ما كان الإنسان أكثر استقامة على
دين الله وتحقيقاً لوصف الإيمان كان أولى بأن تنفس كربه وتقضى حاجاته.

((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))
جرت العادة الإلهية أن الحسنة بعشر أمثالها، هذا نفس كربة، لماذا لا ينفس
عنه عشر كرب من كرب يوم القيامة؟ يقول أهل العلم: إن الكربة من كرب يوم
القيامة تعادل العشرات من كرب الدنيا، بل قد لا تقاس كرب الدنيا بكرب
القيامة، وحينما قال: ((ستره الله في الدنيا والآخرة))
ما قال هنا: نفس الله عنه كربة من كرب الدنيا والآخرة، لا؛ لأن كرب الدنيا
مجتمعة لو اجتمعت كرب الدنيا على شخص ما تعادل كربة واحدة من كرب يوم
القيامة، فكونه ينفس عنه كربة من كرب يوم القيامة أعظم بكثير من جميع كرب
الدنيا.

((ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)) لك مال، لك حق عند أخ من إخوانك المسلمين، لكنه لما طلبته قال: والله ما عندي شيء، تيسر عليه، تؤجل الطلب {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] تنظره حتى يجد ما يوفي به دينك، ومن التيسير أيضاً أن تخفف عنه الدين، وتسقط عنه بعضه أو كله، هذا من التيسير.

((ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)) وكان فيمن قبلنا رجل يداين الناس وكان يعاملهم بالرفق واللين والتيسير والعفو فعفا الله عنه، فالجزاء من جنس العمل.

((ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) رأيت أخاك المسلم في وضع لا يحب أن يعرف الناس عنه أنه يزاول هذا العمل أو يتصف بهذا الوصف تستر عليه ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة))
لكن الستر ليس على إطلاقه كما قرر ذلك أهل العلم، فمن الناس من يستحق
الستر، من حصلت منه هفوة أو زلة، وعرف منه أنه لا يعاود ذلك ولا يتكرر منه،
مثل هذا يستحق الستر، لكن من عرف بالفواحش والمنكرات هذا لا يستحق الستر،
هذا لا بد من إيقاع حد الله عليه، لا بد من ردعه؛ لأننا إذا سترنا مثل هذا
عطلنا الحدود، الحدود ما شرعت إلا لردع مثله، فلا يستر عليه حينئذٍ، ونسمع
من يطالب بالستر المطلق استدلالاً بمثل هذا الحديث، نقول: الستر المطلق
توطئة للإباحية، ما له داعي أن تشرع حدود، وأنت إذا وجدت من يزاول المنكر
تركته مطلقاً، هذا توطئة للإباحية، فلا بد من أن يردع مثل هذا، وأن يكف شره
عن المجتمع، فيرتدع هو ويرتدع غيره ممن تسول له نفسه ارتكاب مثل هذا
المنكر، ولذا شرع إعلان الحدود {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [(2) سورة النــور]
ليرتدع بنفسه في إقامة الحد عليه، ويرتدع أيضاً غيره، وبعض الناس يقول: إن
عدم الستر من باب إشاعة المنكر، من باب إشاعة الفاحشة، لا، نقول: إن الستر
في بعض أحواله هو الذي يحقق شيوع الفاحشة، إذا سترت على فلان وعلان وبدون
قيد ولا شرط شاعت الفاحشة بين الناس، لكن إذا أقيم الحد على هذا المرتكب
للمنكر امتنع، وقلت الفاحشة، وقد تنتهي الفاحشة من المجتمع، يعني بعض الناس
يستعمل النصوص في غير مواردها، فالذي يطالب بالستر المطلق لا شك أن هذا
يطالب بإلغاء الحدود، ويطالب أيضاً بانتشار الفاحشة بين الناس؛ لأنه لا يكف
عن الفواحش إلا هذه الحدود التي شرعها الشارع الحكيم ((ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة))
مسلم وقعت منه هفوة وزلة وندم عليها، ما له داعي أن يشهر أمره، ويفضح بين
الناس؛ لأنه يغلب على الظن أنه لن يتكرر منه، لكن إن تكرر لا يستر عليه.

((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))
إذا كان الإنسان في حاجة أخيه يقضيها له فإن الله -جل وعلا- يعينه على
ذلك، ويعينه على سائر أموره؛ لأن الخلق كما جاء في الخبر عيال الله، وأحبهم
إلى الله أنفعهم لعياله.

((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه)) فأنت تعين أخاك على كل ما ينوبه من أمور دينه وأمور دنياه، ما تستطيع، ما استطعت من ذلك.

((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً))
سلك الطريق، بذل السبب، وحضر إلى الدروس، واستمع إلى الدروس العلمية سواءً
كانت، وقرأ في الكتب، وسمع ما سجل منها، وبذل السبب، وسلك الطريق الحسي
والمعنوي، يعني يحضر إلى الدروس، الأصل في السلوك، سلوك الطريق أنه حسي،
لكن أيضاً يدخل فيه الطريق المعنوي، يسلك طريق العلم بالذهاب إلى أماكن
الدروس، وإلى القراءة في الكتب، وحفظ المتون، ومزاولة الشروح، وسماع الشروح
المسجلة، ومتابعة الدروس من خلال الآلات كل هذا من سلوك الطريق، فبمجرد
سلوك الطريق يسهل الله لك به طريقاً إلى الجنة ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريق))
مجرد سلوك الطريق، ما يلزم أن تكون عالماً، حتى لو سلكت الطريق تقول:
والله ما فهمت، أنت سلكت الطريق؛ لأنه وجد من يطلب العلم عقود، خمسين سنة،
ستين سنة، ومع ذلك ما أراد الله أن يكون من أهل العلم، هذا نقول: سلك
الطريق، ويكفيه هذا، وسهل الله له به طريق إلى الجنة، لكن إن كان من أهل
العلم فيرفع عند الله -جل وعلا- درجات.

((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله)) يقرؤون القرآن ((ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة)) ((يتلون كتاب الله)) الذي هو القرآن ((ويتدارسونه بينهم)) في ألفاظه، وفي أحكام هذه الألفاظ، وفي معاني هذه الألفاظ، وفيما يستنبط من هذه الألفاظ من أحكام وآداب وعبر ((يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة)) الطمأنينة ((وغشيتهم الرحمة)) من الله -جل وعلا- ((وحفتهم الملائكة))
وحفتهم الملائكة: يعني احتفت بهم، وصارت حولهم، ومن احتفت به الملائكة هل
يحضره الشيطان؟ لا، بخلاف من جلب الأسباب التي تعين الشياطين عليه،
الملائكة لا تدخل بيت فيه كلب ولا صورة، والبيت إذا لم تدخله الملائكة
دخلته الشياطين، والمكان الذي فيه الملائكة لا تدخله الشياطين، فاختر
لنفسك.

((وذكرهم الله فيمن عنده))
الذين يذكرهم الله -جل وعلا- عند ملائكته، يباهيهم بهم، انظروا إلى عبادي،
تركوا الراحة، تركوا الأهل، تركوا الأولاد، تركوا الأموال، واجتمعوا
يتدارسون كتاب الله في بيت من بيوته، في مسجد من مساجد المسلمين، هؤلاء
يذكرهم الله فيمن عنده ذكر مباهاة، و((من ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه، ومن ذكر الله في ملأ ذكره الله في ملأ خير منه)).

الناس لتشبثهم بهذه الدنيا، وعدم التفاتهم إلى ما ينفعهم نفعاً حقيقياً
تجد الواحد منهم لو قيل له: إن الملك فلان أثنى عليك البارحة في المجلس،
أو الأمير فلان، أو الوزير فلان، أو الرئيس، أو المدير، أو الوجيه، ذكرك
البارحة في المجلس وأثنى عليك، احتمال ما تنام تلك الليلة، احتمال هذا؛ لأن
بعض الناس يؤثر فيه هذا الكلام تأثيراً بالغاً، لكن أين أنت من قوله: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه))
أين ذكر الرب -جل وعلا- الذي بيده كل شيء، هو المعطي وهو المانع، وهو
النافع، هو الذي ينفع مدحه، ويضر ذمه، الأعرابي لما قال: يا محمد أعطني،
فإن مدحي زين وذمي شين، قال: ((ذاك الله -جل وعلا-))
أما أنت مدحك لا ينفع وذمك لا يضر، لكن كون الإنسان يمدح من قبل الأخيار
هذه علامة خير، لكن كونه يمدح من قبل الأشرار هذه ليست بعلامة خير.

((ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه))
ولنا في أبي لهب وأبي طالب عبرة، أعمام النبي -عليه الصلاة والسلام- في
الذروة من جهة بالنسبة للنسب، ومع ذلك بطأت بهم أعمالهم فلم تنفعهم أنسابهم
((وسلمان منا أهل البيت)) كما جاء في الحديث.

((من بطأ به عمله))
يعني تأخر به عمله لو كانت أعماله صالحة لكنه أقل من غيره ممن ليس مثله في
النسب غيره يتقدم عليه في النسب، وأهل العلم يبحثون أيهما أفضل العباس عم
النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بلال مؤذن الرسول -عليه الصلاة والسلام-
الحبشي؟ أيهما أفضل؟

طالب:......

هاه؟

طالب: العباس، العباس.

العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا مولى يباع ويشترى، أعتقه أبو بكر، منّ عليه أبو بكر بالعتق، أيهما أفضل؟

طالب:......

من السابقين، يقول شيخ الإسلام: فرق بين من قاتل في بدر في صف النبي
-عليه الصلاة والسلام-، ومن قاتل في صف أبي جهل، مع أن العباس يعني عم
الرسول -عليه الصلاة والسلام-، الرسول أوصى بعترته، وفضائله ومناقبه، لكن
المسألة إسلام، والحديث حكم ((من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه))
نقول: العباس ما بطأ به عمله، أدرك هذا وهذا، لكن المسألة مفاضلة، من أهل
العلم من يسكت عن مثل هذا لشرف العباس ومنزلته من النبي -عليه الصلاة
والسلام- يقول: لا ينبغي أن يقال مثل هذا الكلام، وله وجه، وإن كان الحديث
يعني نص في كون النسب لا ينفع حينما يتأخر العمل، والطعن في الأنساب والفخر
في الأحساب من دعاوى الجاهلية، مما يؤثر عن الجاهلية، وهذه لا تنفع في
الإسلام شيء، لكن إذا اجتمع النسب، وكون الإنسان من أهل البيت الذين وصى
بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أن لهم حق عظيم على الأمة، شريطة أن
يكونوا من أهل البيت بالفعل، يعني من النسب الطاهر والعمل الصالح، أما إذا
وجد من الذرية الطاهرة لكنه لوث نفسه بالأدناس والأرجاس، بالمعاصي
والمنكرات، هذا لا يمكن أن يسرع به نسبه كما جاء في الحديث الصحيح.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:10 pm

متن الحديث:





عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Article_salla فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، قال: {
إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها
كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشر
حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها
الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده سيئة واحدة }
.


[رواه البخاري:6491، ومسلم:131 في صحيحيهما بهذه الحروف].




شرح الحديث:








قوله هنا: "فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى" يعني: أن هذا حديث قدسي قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1
يعني: كتبها عنده، فبينها في القرآن، بين ما تكون به الحسنة، وبين ما تكون
به السيئة، يعني: بين العمل الذي يكتب للمرء به حسنة، وبين العمل الذي
يكتب للمرء به سيئة، قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2
فمن هم بحسنة فلم يعملها شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1إلى
آخره استدل به على أن الملكين اللذين يكتبان ما يصدر عن العبد، دل على
أنهما يعلمان ما يجول في قلبه، الهم معلوم للملك، وهذا بإقدار الله -جل
وعلا- لهم إطلاعه إياهم وإذنه بذلك.

قد
كان بعض الأنبياء يعلم ما في نفس الذي أمامه، والنبي -صلى الله عليه- وسلم
أخبر رجلا بما في نفسه، وهكذا حصل من عدد من الأنبياء، فهذا من أنواع
الغيب الذي يطلع الله -جل وعلا- إياه من شاء من عباده، فالملائكة أطلعهم
الله -جل وعلا- على ذلك كما قال سبحانه: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB2
عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CB1 .

والرسول هنا يدخل فيه الرسول الملكي، والرسول البشري، قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 لأن الهم نوع من الإرادة، وإرادته للحسنة طاعة، فيكتبها الله -جل وعلا- له من رحمته ومنه وكرمه، يكتبها له حسنة.

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 فإن هم بها، فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
أنه إن هم بالحسنة فعملها، فأقل ما يكتب له عشر حسنات، وقد يصل ذلك إلى
سبعمائة ضعف بحسب الحال، وقد ذكرنا لكم تفاصيل ذلك في أوائل هذا الشرح، فإن
المسلمين يتفاوتون في ثواب الحسنة، منهم من إذا عملها كتبت له عشر أضعاف،
ومنهم من إذا عملها كتبت له سبعمائة ضعف، ومنهم مائتا ضعف، ومنهم من تكتب
له أكثر من ذلك إلى سبعمائة ضعف، بل إلى أضعاف كثيرة، وهذا يختلف كما ذكرنا
باختلاف العلم وتوقير الله -جل وعلا- والرغب في الآخرة؛ ولهذا كان الصحابة
- رضوان الله عليهم - أعظم هذه الأمة أجورا، وكانوا أعظم هذه الأمة منزلة.


وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 والذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1يعني:
أنهم مع قلة ما ينفقون وما عملوا، فإنهم أعظم مما لو أنفق أحدكم، وهؤلاء
في متأخري الإسلام، فكيف بمن بعدهم؟ لو أنفقوا مثل أحد ذهبا، وهذا يختلف
باختلاف حسن الإسلام وحسن اليقين إلى آخره.


قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 وإن هم بسيئة، ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1"إن
هم بسيئة" يعني: أراد سيئة، فلم يعملها، فهذا فيه تفصيل: إن تركها من جراء
الله -جل وعلا- يعني: خشية لله ورغبا فيما عنده، فإنه تكتب له حسنة كما
ذكر في هذا الحديث، وقد جاء في حديث آخر أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2
فإنما تركها من جرائي شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1فإذا
ترك السيئة التي هم بها، فتركها: يعني فلم ينفذها عملا لله -جل وعلا- فهذا
تكتب له حسنة؛ لأن إخلاصه قلب تلك الإرادة السيئة إلى إرادة حسنة،
والإرادة الحسنة والهم بالحسن يكتب له به حسنة.


والحال الثانية:
أن يهم بالسيئة فلا يعملها؛ لأجل عدم تمكنه منها، والنفس باقية في رغبتها
بعمل السيئة، فهذا وإن لم يعمل، فإنه لا تكتب له حسنة في ذلك، بل إن سعى في
أسباب المعصية، فإنه تكتب عليه سيئة، كما جاء في الحديث: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2

إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا يا رسول
الله: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه
شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 .

قال
العلماء: إذا تمكن المرء من أسباب المعصية، وصرفه صارف عنها، خارج عن
إرادته، فإنه يجزى على همه بالسيئة سيئة، ويكون مؤاخذا بها بدلالة حديث: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2
القاتل والمقتول في النار شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1 .

قال: شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH2 وإن هم بها، فعملها كتبها الله سيئة واحدة شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 MEDIA%5CH1وهذا
من عظيم رحمة الله -جل وعلا- بعباده المؤمنين أنهم إذا عملوا سيئة لا
تضاعف عليهم، بل إنما يكتبها الله -جل وعلا- عليهم سيئة واحدة، وأما
الحسنات فتضاعف عليهم؛ ولهذا لا يهلك على الله يوم القيامة إلا هالك، لا
ترجح سيئات أحد على حسناته إلا هالك؛ لأن الحسنات تضاعف بأضعاف كثيرة، وحتى
الهم بالسيئة إذا تركه تقلب له حسنة، والسيئة تكتب بمثلها، فلا يظهر بذلك
أن يزيد ميزان السيئات لعبد على ميزان الحسنات إلا، وهو خاسر، وقد سعى في
كثير من السيئات، وابتعد عن الحسنات.


بهذا
نشكر الله -جل وعلا- ونحمدك ربي على إحسانك وفضلك ونعمتك على هذا الكرم،
وعلى هذه النعمة العظيمة، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:17 pm







شرح الحديث الثامن والثلاثون من أحاديث الأربعين النووية



للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى




تابع الدرس (14) من الحديث 32 إلى 42


وقال المؤلف -عليه رحمة الله-:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن
الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي
بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي
يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني
لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا
أكره مساءته)) رواه البخاري.

التكملة هذه عندك؟ وما ترددت؟

طالب: زيادة هنا.

هاه؟

طالب: نعم.

ليست في الأصل، ((ولئن استعاذني لأعيذنه)) رواه البخاري.

طالب:......

ما وجد طبعة واحدة، الطبعات متعددة.

طالب:......

من أين؟ في أصل الأربعين ليست موجودة.

طالب:......

على كل حال هي موجودة في الحديث الصحيح.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثامن والثلاثين:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله تعالى قال))
هذا أيضاً حديث قدسي، وهذه صيغة من صيغ الرواية في الحديث القدسي فيما
يرويه عن ربه -عز وجل-، فيما يرفعه إلى ربه "إن الله تعالى قال: ((من عادى لي ولياً))" المعاداة نقيض الموالاة، الذي ينصب العداء لأولياء الله، فمن أولياء الله؟ ((من عادى لي ولياً)) {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ} [(257) سورة البقرة] {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [(62-63) سورة يونس] هؤلاء هم أولياء الله، فمن عادى من اتصف بالإيمان والتقوى ((فقد آذنته بالحرب)) وهل لأحد بحرب الله يد؟! هل يستطيع أن يبارز الله بالحرب؟!
كما هو شأن أكلة الربا؟ هل للإنسان المسكين الضعيف الذي لو اعتراه أدنى ما
يعتري البشر لأعلن العجز والضعف؟ هل له يد وطاقة في حرب الله -جل وعلا-؟
ومع ذلك نجد كثير من المسلمين يتعاملون بهذه المعاملة المتضمنة لحرب الله
ورسوله، وهنا تجده يعادي أولياء الله، ويبغضهم ويكرههم ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) يعني أعلمته بالحرب، أنذرته بالحرب.

((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))
التقرب بالفرائض لا شك أنه أقرب من التقرب بالنوافل؛ لأن الفرائض أفضل،
وهي التي يأثم بتركها بخلاف النوافل التي لا يأثم بتركها، والفرائض أولى
بالاهتمام من النوافل ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))
يعني أحب الأعمال إلى الله -جل وعلا- هذه الفرائض، فإذا أداها الإنسان
وبرئ من عهدتها سلم، مثلما تقدم في حديث الذي لا يزيد على ما افترض الله
عليه، الذي يفعل الواجبات ويترك المحرمات، يدخل الجنة، وهذا هو المقتصد،
لكن إذا زاد على ذلك النوافل لا شك أنه كلما زاد كان أقرب إلى تحقيق
الولاية.

((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل)) الفرائض ما فيها مسوامة، لكن النوافل هي التي تقبل الزيادة والنقص ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) ((ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)) ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل))
هل يقال: إن الغسل أفضل من الوضوء؟ وهو مندوب والوضوء واجب شرط لصحة
الصلاة؟ أو أن نقول: الغسل المشتمل على الوضوء كما هو معلوم وإلا ما يكفي
غسل لا يشتمل على وضوء؟ نقول: إذا اجتمع النفل مع الفرض صار أفضل من الفرض
وحده، قال: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) نعم، الإكثار من النوافل سبب لمحبة الله -جل وعلا- للعبد، والإخلال بالفرائض سبب لبغض الله -جل وعلا- للعبد ((فإذا أحببته)) يعني تحقق هذا الوصف بكثرة نوافل هذا الشخص ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها))
يعني وفقه الله -جل وعلا- ويسر له استعمال هذه النعم فيما يرضيه -جل
وعلا-، فلا يزاول بها ما يكرهه الله ويسخطه، إنما يستعملها فيما يحب الله
-جل وعلا-.

((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)) فلا تجد مثل هذا يسمع إلا الطيب من الكلام، ما تجده يسمع المحرمات ((وبصره الذي يبصر به))
لا تجد يرى ويشاهد في هذه النعمة التي هي نعمة البصر ما يكرهه الله -جل
وعلا- ويبغضه، وما أخل عبد بشيء من هذين المنفذين وغيرهما السمع والبصر
يعني تجد بعض الناس طالب علم، لكن قد تغلبه نفسه على سماع محرم غيبة وإلا
غناء وإلا مزامير وإلا شيء، سببه الإخلال بالسبب الموجود في هذا الحديث
بالنوافل، أخل بالنوافل فاختل الوعد ((كنت سمعه الذي يسمع به))
لكن لو حافظ على النوافل وأكثر من النوافل ما وجد هذا الخلل عنده، كيف
يشاهد قنوات إباحية تعرض صور عارية، تعرض صور مومسات، وتعرض أفلام فاحشة،
وتعرض شبهات؟ كيف تسمح نفسه بهذا وهو من يتقرب إلى الله -جل وعلا-؟ لا بد
أن يوجد الخلل في هذه النوافل التي هي سبب الوعد بحفظ السمع والبصر، فإذا
تساهل بهذه النوافل، والنوافل لا شك أنها سياج واحتياط يمنع الإنسان من
الإخلال بالواجبات والوقوع في المحرمات.

((وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها))
تجده لا يستعمل هذه اليد إلا فيما يرضي الله، تجده ما يكتب شيء يبغض الله
-جل وعلا-، تجده ما يزاول شيء بيده يغضب الله -جل وعلا- إلا إذا أخل
بالسبب.

((ورجله التي يمشي بها))
تجده يمشي إلى المساجد، يمشي إلى الدروس، يمشي إلى صلة الأرحام، يمشي إلى
زيارة المرضى، وتشييع الجنائز، وما أشبه ذلك، يوفق لهذا كله، وتكون نوافله
التي تقرب بها سياج ومانع له من أن يبطش بيده شيئاً مما لا يجوز، أو يمشي
برجله إلى شيء لا يجوز.

((ولئن سألني لأعطينه)) إذا وصل إلى هذه المرتبة ما ترد دعوته ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني)) مما يكره، سألني شيئاً يطلبه مما ينفعه في دينه أو دنياه لأعطينه، ((وإن استعاذني)) مما يكرهه في دينه أو دنياه ((لأعيذنه)) رواه البخاري.

نعم.
((وبصر





شرح الحديث الثامن والثلاثون من أحاديث الأربعين النووية



للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى




تابع الدرس (14) من الحديث 32 إلى 42


وقال المؤلف -عليه رحمة الله-:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن
الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي
بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي
يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني
لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا
أكره مساءته)) رواه البخاري.

التكملة هذه عندك؟ وما ترددت؟

طالب: زيادة هنا.

هاه؟

طالب: نعم.

ليست في الأصل، ((ولئن استعاذني لأعيذنه)) رواه البخاري.

طالب:......

ما وجد طبعة واحدة، الطبعات متعددة.

طالب:......

من أين؟ في أصل الأربعين ليست موجودة.

طالب:......

على كل حال هي موجودة في الحديث الصحيح.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثامن والثلاثين:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله تعالى قال))
هذا أيضاً حديث قدسي، وهذه صيغة من صيغ الرواية في الحديث القدسي فيما
يرويه عن ربه -عز وجل-، فيما يرفعه إلى ربه "إن الله تعالى قال: ((من عادى لي ولياً))" المعاداة نقيض الموالاة، الذي ينصب العداء لأولياء الله، فمن أولياء الله؟ ((من عادى لي ولياً)) {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ} [(257) سورة البقرة] {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [(62-63) سورة يونس] هؤلاء هم أولياء الله، فمن عادى من اتصف بالإيمان والتقوى ((فقد آذنته بالحرب)) وهل لأحد بحرب الله يد؟! هل يستطيع أن يبارز الله بالحرب؟!
كما هو شأن أكلة الربا؟ هل للإنسان المسكين الضعيف الذي لو اعتراه أدنى ما
يعتري البشر لأعلن العجز والضعف؟ هل له يد وطاقة في حرب الله -جل وعلا-؟
ومع ذلك نجد كثير من المسلمين يتعاملون بهذه المعاملة المتضمنة لحرب الله
ورسوله، وهنا تجده يعادي أولياء الله، ويبغضهم ويكرههم ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) يعني أعلمته بالحرب، أنذرته بالحرب.

((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))
التقرب بالفرائض لا شك أنه أقرب من التقرب بالنوافل؛ لأن الفرائض أفضل،
وهي التي يأثم بتركها بخلاف النوافل التي لا يأثم بتركها، والفرائض أولى
بالاهتمام من النوافل ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))
يعني أحب الأعمال إلى الله -جل وعلا- هذه الفرائض، فإذا أداها الإنسان
وبرئ من عهدتها سلم، مثلما تقدم في حديث الذي لا يزيد على ما افترض الله
عليه، الذي يفعل الواجبات ويترك المحرمات، يدخل الجنة، وهذا هو المقتصد،
لكن إذا زاد على ذلك النوافل لا شك أنه كلما زاد كان أقرب إلى تحقيق
الولاية.

((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل)) الفرائض ما فيها مسوامة، لكن النوافل هي التي تقبل الزيادة والنقص ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) ((ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)) ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل))
هل يقال: إن الغسل أفضل من الوضوء؟ وهو مندوب والوضوء واجب شرط لصحة
الصلاة؟ أو أن نقول: الغسل المشتمل على الوضوء كما هو معلوم وإلا ما يكفي
غسل لا يشتمل على وضوء؟ نقول: إذا اجتمع النفل مع الفرض صار أفضل من الفرض
وحده، قال: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) نعم، الإكثار من النوافل سبب لمحبة الله -جل وعلا- للعبد، والإخلال بالفرائض سبب لبغض الله -جل وعلا- للعبد ((فإذا أحببته)) يعني تحقق هذا الوصف بكثرة نوافل هذا الشخص ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها))
يعني وفقه الله -جل وعلا- ويسر له استعمال هذه النعم فيما يرضيه -جل
وعلا-، فلا يزاول بها ما يكرهه الله ويسخطه، إنما يستعملها فيما يحب الله
-جل وعلا-.

((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)) فلا تجد مثل هذا يسمع إلا الطيب من الكلام، ما تجده يسمع المحرمات ((وبصره الذي يبصر به))
لا تجد يرى ويشاهد في هذه النعمة التي هي نعمة البصر ما يكرهه الله -جل
وعلا- ويبغضه، وما أخل عبد بشيء من هذين المنفذين وغيرهما السمع والبصر
يعني تجد بعض الناس طالب علم، لكن قد تغلبه نفسه على سماع محرم غيبة وإلا
غناء وإلا مزامير وإلا شيء، سببه الإخلال بالسبب الموجود في هذا الحديث
بالنوافل، أخل بالنوافل فاختل الوعد ((كنت سمعه الذي يسمع به))
لكن لو حافظ على النوافل وأكثر من النوافل ما وجد هذا الخلل عنده، كيف
يشاهد قنوات إباحية تعرض صور عارية، تعرض صور مومسات، وتعرض أفلام فاحشة،
وتعرض شبهات؟ كيف تسمح نفسه بهذا وهو من يتقرب إلى الله -جل وعلا-؟ لا بد
أن يوجد الخلل في هذه النوافل التي هي سبب الوعد بحفظ السمع والبصر، فإذا
تساهل بهذه النوافل، والنوافل لا شك أنها سياج واحتياط يمنع الإنسان من
الإخلال بالواجبات والوقوع في المحرمات.

((وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها))
تجده لا يستعمل هذه اليد إلا فيما يرضي الله، تجده ما يكتب شيء يبغض الله
-جل وعلا-، تجده ما يزاول شيء بيده يغضب الله -جل وعلا- إلا إذا أخل
بالسبب.

((ورجله التي يمشي بها))
تجده يمشي إلى المساجد، يمشي إلى الدروس، يمشي إلى صلة الأرحام، يمشي إلى
زيارة المرضى، وتشييع الجنائز، وما أشبه ذلك، يوفق لهذا كله، وتكون نوافله
التي تقرب بها سياج ومانع له من أن يبطش بيده شيئاً مما لا يجوز، أو يمشي
برجله إلى شيء لا يجوز.

((ولئن سألني لأعطينه)) إذا وصل إلى هذه المرتبة ما ترد دعوته ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني)) مما يكره، سألني شيئاً يطلبه مما ينفعه في دينه أو دنياه لأعطينه، ((وإن استعاذني)) مما يكرهه في دينه أو دنياه ((لأعيذنه)) رواه البخاري.

نعم.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:18 pm


شرح الحديث التاسع والثلاثون من أحاديث الأربعين النووية



للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله تعالى




تابع الدرس
(14) من الحديث 32 إلى 42


قال المؤلف -عليه رحمة الله-:

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)) حديث حسن، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث التاسع والثلاثين:

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله تجاوز)) وعفا ((لي)) يعني بسببي ولأجلي، هذا من شرف هذه الأمة بسبب شرف نبيها -عليه الصلاة والسلام- ((إن الله تجاوز لي عن أمتي)) عفا عنهم، وتجاوز عن أمتي ثلاثة أشياء: ((الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي.

على كل حال الحديث فيه كلام لأهل العلم، لكن شواهده في القرآن والسنة أيضاً.

((إن الله تجاوز لي عن أمتي)) {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل].

((إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) فلا إثم بسبب الخطأ ولا النسيان ولا بسبب الإكراه، الإثم مرتفع، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة]
قال: قد فعلت، يقول الله -جل وعلا-: قد فعلت، فلا مؤاخذة، وكذلك الإكراه،
وهو الإلجاء وليس كل ما يدعيه الناس إكراهاً هو في الحقيقة إكراه، لا،
وهناك أمور لا يمكن أن يكره عليها الإنسان، الخطأ والنسيان، ومثلهما الجهل {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [(15) سورة الإسراء]
فالجهل يعذر به الإنسان لا يؤاخذ، وإذا أخطأ أو نسي فإنه لا يؤاخذ، أخطأ
فعمل شيئاً لا يعرف حكمه، أو نسي ما يعرف حكمه وفعله أو تركه، وأكره على ما
يعرف حكمه بدءاً من كلمة الإشراك إلى ما دونها، فإذا أكره على ذلك إكراهاً
معتبراً شرعاً فإنه لا مؤاخذة عليه، أخطأ ففعل محظوراً، نسي ففعل محظوراً
لا شيء عليه، لكن أخطأ في حق آدمي نسي فتناول شيئاً لمخلوق فإنه لا يؤاخذ
بالنسبة لحق الله، فلا إثم عليه، لكنه يضمن حق المخلوق، وعند أهل العلم
النسيان والخطأ ومثله الجهل ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم
منزلة الموجود، نسي فصلى بدون طهارة، نقول: صلاته صحيحة؛ لأن الله -جل
وعلا- يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة]
قال: قد فعلت؟ تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان؟ النسيان لا ينزل المعدوم منزلة
الموجود، فلا بد أن يتوضأ ويصلي، ونسيانه لا يعفيه، لكن النسيان ينزل
الموجود منزلة المعدوم، نسي فصلى الظهر خمس ركعات، نقول: يعيد؟ لا، لا
يعيد؛ لأن هذه الركعة في حكم المعدوم؛ لأنه ما قصدها ولا تعمدها، لو تعمدها
لأبطلت صلاته، وقل مثل هذا في المحرمات وترك الواجبات، نسي فترك واجباً لا
بد أن يأتي به؛ لأنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، نسي ففعل محرماً
ارتكب محرماً نقول: يعفى عنه؛ لأن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، ما
استكرهوا عليه، يعني الإكراه إلجاء ممن يقدر على التنفيذ، لكن لو أكره على
إتلاف مال فإنه يضمن، لو أكره على قتل فإنه لا يجوز الإقدام على القتل؛
لأنه ليست روحه ونفسه أولى بالصيانة من روح غيره، فإذا قتل ولو كان مكرهاً
يقتل، أهل العلم يقولون: إن الرجل لا يتصور إكراهه على الزنا بخلاف المرأة،
لا يتصور إكراه الرجل على الزنا، لماذا؟ لأنه إذا أكره لا ينتشر، ما
يستطيع أن يزاول بخلاف المرأة، بعضهم يتساهل في هذا الباب تساهلاً شديداً،
امرأة تسأل فقالت: إنها أحرمت مع زوجها بعمرة، فلما طافوا قال: خلاص لا
تسعي، اذهبي إلى البيت تجهزي وأنا أسعى وأجي، أفتاها من أفتاها بأنها مكرهة
لا شيء عليها، هذا تفريط، هذا تساهل في الفتوى، هذه الفتوى لا قيمة لها،
ما دام مكنها من الإحرام، وأذن لها أن تحرم، يلزمه ويلزمها الإتمام ولا
التفات إلى قوله لها: لا تسعي، لا يملك أصلاً، هو ملزم بالإتمام، وهي ملزمة
بالإتمام، ما دام أذن لها، لكن لو قبل الإحرام والعمرة ليست الواجبة قال:
لا تحرمين، يملك يمنعها، لكن لما طاف طواف العمرة وبدلاً من أن تسعى معه
تذهب لتجهز له ما يريد أثناء سعيه، هذا لا يملك هو مثل هذا، وهي لا تملك بل
عليها أن تسعى، فالإكراه له حد شرعي، إذا وصل إليه نعم يعذر إذا لم يصل
إليه لا يعذر، نعم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:28 pm

لحديث الواحد و الأربعون
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يُؤمن أحدكم حتى
يكون هواه تبعا لما جئت به ) ، حديث صحيح ، رُويناه في كتاب الحجّة بإسناد
صحيح .





الشرح

من
أعظم المباديء التي حرص الإسلام على ترسيخها في النفوس المؤمنة ، الانقياد
لأحكام الشرع وتعاليمه ، بحيث تصبح أقوال الإنسان وأفعاله صادرة عن الشرع ،
مرتبطة بأحكامه ، وحينئذٍ تتكامل جوانب الإيمان في وجدانه ، كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي معنا : ( لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) .





ولهذا الحديث
مدلوله في بيان ضرورة التزام منهج الله تعالى ، والإذعان لأحكامه وشرائعه ،
فإن المؤمن إذا رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم
نبيا ، حمله ذلك على أن يحكّم شرع الله في حياته ، فيحل حلاله ، ويحرم
حرامه ، ويحب ما دعا إليه ، ويبغض ما نهى عنه ، ولا يجد في ذلك ضيقا أو
تبرما ، بل إننا نقول : لا يعد إيمان العبد صادقا حتى يكون على مثل هذه
الحالة من الانقياد ظاهرا وباطنا ، والتسليم التام لحكم الله ورسوله ، كما
دلّ عليه قوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم
لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ( النساء : 56 ) .





وهذا
يقتضي من العبد أن يحب الله ورسوله فوق كل شيء ، ويقدّم أمرهما على كل أمر
،كما قال تعالى : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم
وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله
ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم
الفاسقين } ( التوبة : 24 ) .





ولسنا
نريد بهذه المحبة مجرد كلمات تقال ، أو شعارات ترفع ، لا تثمر عملا ولا
انقيادا ، فإن لكل محبة دليلا ، ودليل صدق المحبة موافقة المحبوب في مراده ،
وعدم إتيان ما يكرهه أويبغضه ، وإلا فهي دعاوى لا حقيقة لها ، وقد قال
العلماء : " كل من ادّعى محبة الله ، ولم يوافق الله في أمره ، فدعواه
باطلة " .





وإنك
لتقرأ في سير الصحابة الكرام ومن بعدهم ، فتعتريك الدهشة حين تجد منهم
الامتثال الفوري للدين ، دون تأخير أو إبطاء ، واستمع إلى أنس رضي الله
عنه وهو يصف لنا مشهدا من غزوة خيبر فيقول : " أصبنا حمرا فطبخناها ،
فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله ورسوله ينهيانكم عن
لحوم الحمر ، فإنها رجس ، فأكفئت القدور بما فيها ، وإنها لتفور باللحم " ،
وقريبٌ من ذلك ما ذكر في يوم تحريم الخمر ، إذ امتلأت طرق المدينة بالخمور
المراقة على الأرض ، هذا مع شدة حبهم لها ، وتعلقهم بها منذ الجاهلية ،
ولكنهم – رضي الله عنهم – قدموا رضا الله فوق كل شيء ، ولم يتقاعسوا عن طاعته طرفة عين .





وكفى بهذا الانقياد ثمرة أن يجد المرء في قلبه حلاوة الإيمان ولذته ، فقد روى البخاري و مسلم عن أنس بن مالك رضي الله
عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة
الإيمان : - وذكر منها – أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ) .





وإذا
عدنا إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )
لعلمنا أن الغاية المطلوبة هي إخضاع رغبات النفس ومرادها لأوامر الشرع ،
وليس المراد أن يحصل التوافق التام بين رغباتها وبين مراد الشارع ، فإن ذلك
في الحقيقة أمر عسير ، إذ النفس مفطورة على اتباع الهوى ، والأمر بالسوء
، فجاء الحديث
ليبيّن أن اكتمال الإيمان مرهون بالانقياد للشرع ، ولم يعلّق كمال الإيمان
على تغيير طبيعة النفس ، المجبولة على حب المعاصي والشهوات إلا من رحم
الله .





ومن
هنا ندرك أن مخالفة الهوى تتطلّب همّة عالية ، وعزيمة صادقة ، فلا عجب أن
يكون جهاد النفس من أفضل الجهاد عند الله ، كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه ) رواه ابن النجار وصحّحه
الألباني .





بقي أن نشير إلى أن هذا الحديث قد اختلف العلماء في صحّته ، فالإمام النووي – كما هو ظاهر في المتن – يصحّح الحديث ، وتبعه على ذلك الحافظ أبو نعيم وغيرهما ، كما وثّق الحافظ ابن حجر العسقلاني رجال السند ، في حين أن الحافظ ابن رجب قد حكم على الحديث بالضعف ، وذلك لضعف أحد رواته .




بيد أن المعنى الذي جاء به هذا الحديث له أصل في الشريعة ، وقد أشارت نصوص الكتاب والسنة إليها – كما بينا ذلك من خلال المقال - ، والله الموفق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 5:38 pm


شرح الحديث الثاني والأربعين من أحاديث الأربعين النووية



للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له




عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا
ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى
مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ
عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ
آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ
لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً)[278] رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحَيْحٌ.


الشرح


هذا حديث قدسي وقد سبق تعريفه.


قوله: "مَا دَعَوتَنِي" (ما) هنا شرطية، وفعل الشرط: (دعا) في قوله: "دَعَوتَنِي" وجواب الشرط: "غَفَرْتُ" .


وإذا أردت أن تعرف: (ما) الشرطية فاجعل بدلها: (مهما) فلو قلت: مهما دعوتني ورجوتني غفرت لك صحّ.


"مَا دَعَوتَنِيْ" الدعاء ينقسم إلى قسمين: دعاء مسألة، ودعاء عبادة.


فدعاء المسألة أن تقول: يا رب اغفر لي. ودعاء العبادة أن تصلي لله


فنحتاج الآن إلى دليل وتعليل على أن العبادة تسمّى دعاءً؟


الدليل: قول الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) فقال:(ادْعُونِي) ثم قال: (يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) فسمى الدعاء عبادة، وقد جاء في الحديث: "أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ"[279] ووجهه ظاهر جداً،لأن داعي الله متذلل لله عزّ وجل منكسر له، قد عرف قدر نفسه،وأنه لايملك لها نفعاً ولاضرّاً.


أما كيف كانت العبادة دعاءً: فلأن المتعبّد لله داعٍ بلسان الحال، فلو
سألت المصلي لماذا صلى لقال: أرجو ثواب الله، إذاً فهو داع بلسان الحال،
وعليه فيكون قوله: "مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِي" يشمل دعاء العبادة ودعاء
المسألة، ولكن لاحظ القيد في قوله: "وَرَجَوتَنِيْ" فلابد من هذا القيد،
أي أن تكون داعياً لله راجياً إجابته، وأما أن تدعو الله بقلب غافل فأنت
بعيد من الإجابة، فلابد من الدعاء والرجاء.


وقوله: "غَفَرْتُ لَكَ" المغفرة: هي ستر الذّنب والتجاوز عنه.


"عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ" أي على ما كان منك من الذنوب والتقصير.


"وَلاَ أُبَالِي" أي لا أهتم بذلك.


"يَا ابْنَ آدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ" المراد
بقوله: "عَنَانَ السَّمَاء" أي أعلى السماء،وقيل إن "عَنَانَ السَّمَاء" ما
عنَّ لك حين تنظر إليها ، وقيل "عَنَانَ السَّمَاء" أي السحاب أعلاه،
ولاشك أن السحاب يسمى العنان ، لكن الظاهر أن المراد به ( عنان السماء) .


والسماء على الأرض كالقبة له جوانب وله وسط، أعلاه بالنسبة لسطح الأرض هو الوسط.


"ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِيْ" أي طلبت مني المغفرة، سواء قلت: أستغفر
الله، أو قلت: اللهم اغفر لي. لكن لابد من حضور القلب واستحضار الفقر إلى
الله عزّ وجل.


"يَا ابنَ آدَمَ إنِّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقِرَابِ الأَرْضِ خطَايَا
ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا
مَغْفِرَةً"


قوله: "لَوْ أَتَيْتَنِيْ" أي جئتني بعد الموت. "بِقِرَابِ الأَرْضِ"
أي مايقاربها، إما ملئاً،أو ثقلاً، أو حجماً، خَطَايا جمع خطيئة وهي
الذنوب، "ثُمَّ لَقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِكْ بِي شَيْئَاً" قوله: "شَيئَاً"
نكرة في سياق النفي تفيد العموم أي لا شركاً أصغر ولا أكبر، وهذا قيد عظيم
قد يتهاون به الإنسان ويقول: أنا غير مشرك وهو لايدري، فحُبُّ المال الذي
يلهي عن طاعة الله،من الإشراك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "تَعِسَ
عَبْدُ الدِّرْهَمِ ،تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيْصَةِ، تَعِسَ عَبْدُ
الخَمِيْلَةِ"[280] فسمّى النبي صلى الله عليه وسلم من كان هذا همّه: عبداً لها.


"لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً" وهذا لاشكّ من نعمة الله وفضله،
بأن يأتي الإنسان ربه بملء الأرض خطايا ثم يأتيه عزّ وجل بقرابهامغفرة،
وإلا فمقتضى العدل أن يعاقبه على الخطايا، لكنه جل وعلا يقول بالعدل ويعطي
الفضل.


من فوائد هذا الحديث:


.1شرف بني آدم حيث وجه الله إليه الخطاب بقوله "يَا ابْنَ آدَمَ" ولاشك
أن بني آدم فضّلوا على كثير ممن خلقهم الله عزّ وجل وكرّمهم الله سبحانه
وتعالى، قال الله تبارك وتعالى (وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ
مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء: 70)


.2 أن كلمة (ابن) أو: (بني)
أو ما أشبه ذلك إذا أضيفت إلى القبيلة أو إلى الأمة تشمل الذكور والإناث،
وإذا أضيفت إلى شيء محصور فهي للذكور فقط. وهي هنا في الحديث مضافة إلى
الأمة كلها،حيث قال: "يَا ابنَ آدَمَ" فيشمل الذكور والإناث.


ويتفرّع على هذه المسألة: لو قال قائل: هذا البيت وقف على بني صالح وهو
واحد، فيشمل الذكور فقط، لأنهم محصورون،أما لو قال: هذا وقف على بني تميم
شمل الذكور والإناث.


.3 أن من دعا الله ورجاه فإن الله تعالى يغفر له.


.4 أنه لابد مع الدعاء من رجاء، وأما القلب الغافل اللاهي الذي يذكر
الدعاء علىوجه العادة فليس حريّاً بالإجابة، بخلاف الذكر كالتسبيح والتهليل
وما أشبه ذلك، فهذا يُعطى أجراً به، ولكنه أقل مما لو استحضر وذكر بقلبه
ولسانه.


والفرق ظاهر، لأن الداعي محتاج فلابد أن يستحضر في قلبه ما احتاج إليه، وأنه مفتقر إلى الله عزّ وجل.


.5-إثبات صفات النفي التي يسميها العلماء الصفات السلبية، لقوله:
"وَلاَ أُبَالِي" فإن هذه صفة منفية عن الله تعالى، وهذامن قسم العقائد.
وهذا كثير في القرآن مثل قوله: ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )(البقرة: الآية255) وقوله: ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(الكهف: الآية49) وقوله: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)(الفرقان: الآية58) وهي كثيرة.


ولكن اعلم أن المراد بالصفات المنفية إثبات كمال الضد، فيكون نفي
المبالاة هنا يراد به كمال السلطان والفضل والإحسان، وأنه لاأحد يعترض
علىالله أو يجادله فيما أراد.


.6 أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً مهما عظمت لقوله: "لَوبَلَغَتْ
ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاء ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ" وأن
الإنسان متى استغفر الله عزّ وجل من أي ذنب كان عِظَمَاً وقدراً فإن الله
تعالى يغفره، وهذا كقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء: 110)


ولكن هل الاستغفار مجرّد قول الإنسان: اللهم اغفر لي، أو أستغفر الله؟


الجواب: لا، لابد من فعل أسباب المغفرة وإلا كان دعاؤه كالاستهزاء كما
لو قال الإنسان: اللهم ارزقني ذرية طيبة، ولم يعمل لحصول الذرية، والذي
تحصل به المغفرة التوبة إلى الله عزّ وجل.


والتوبة: من تاب يتوب أي رجع. وهي الرجوع من معصية الله إلىطاعته. ويشترط لها خمسة شروط:


الشرط الأول: الإخلاص:


والإخلاص شرط في كل عبادة، والتوبة من العبادات، قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(البينة: الآية5) فمن تاب مراءاة للناس، أو تاب خوفاً من سلطان لاتعظيماً لله عزّ وجل فإن توبته غير مقبولة.


الشرط الثاني: الندم على ما حصل:


وهو انكسار الإنسان وخجله أمام الله عزّ وجل أن فعل مانهي عنه، أو ترك ما أوجب عليه.


فإن قال قائل: الندم انفعال في النفس، فكيف يسيطر الإنسان عليه؟


فالجواب: أنه يسيطر عليه إذا أشعر نفسه بأنه في خجل من الله عزّ وجل وحياء من الله ويقول: ليتني لم أفعل وما أشبه ذلك.


وقال بعض أهل العلم: إن الندم ليس بشرط:


أولاً: لصعوبة معرفته.


والثاني: لأن الرجل إذا أقلع فإنه لم يقلع إلا وهونادم، وإلا لاستمر.
لكن أكثر أهل العلم -رحمهم الله - على أنه لابد أن يكون في قلبه ندم.


الشرط الثالث: الإقلاع عن المعصية التي تاب منها:


فإن كانت المعصية ترك واجب يمكن تداركه وجب عليه أن يقوم بالواجب،كما
لو أذنب الإنسان بمنع الزكاة، فإنه لابد أن يؤدي الزكاة، أو كان فعل محرماً
مثل أن يسرق لشخص مالاً ثم يتوب،فلابد أن يرد المال إلى صاحبه، وإلا لم
تصح توبته


فإن قال قائل: هذا رجل سرق مالاً من شخص وتاب إلى الله، لكن ا لمشكل
كيف يؤدي هذا المال إلى صاحبه؟ يخشىإذا أدى المال إلى صاحبه أن يقع في
مشاكل فيدّعي مثلاً صاحب المال أن المال أكثر، أو يتَّهَم هذا الرجل ويشيع
أمره، أو ما أشبه ذلك، فماذا يصنع؟


نقول: لابد أن يوصل المال إلى صاحبه بأي طريق، وبإمكانه أن يرسل المال
مع شخص لايتهم بالسرقة ويعطيه صاحبه، ويقول: يا فلان هذامن شخص أخذه منك
أولاً والآن أوصله إليك، ويكون هذاالشخص محترماً أميناً بمعنى أنه لايمكن
لصاحب المال أن يقول: إما أن تعين لي من أعطاك إياه وإلا فأنت السارق، أما
إذاكان يمكن فإنه مشكل.


مثال ذلك: أن يعطيه القاضي، أو يعطيه الأمير يقول: هذا مال لفلان أخذته
منه، وأنا الآن تائب، فأدّه إليه. وفي هذه الحال يجب علىمن أعطاه إياه أن
يؤدّيه إنقاذاً للآخذ وردّاً لصاحب المال.


فإذا قال قائل: إن الذي أخذت منه المال قد مات، فماذا أصنع؟


فالجواب: يعطيه الورثة، فإن لم يكن له ورثة أعطاه بيت المال.


فإذا قال :أنا لا أعرف الورثة، ولا أعرف عنوانهم؟


فالجواب: يتصدّق به عمن هو له، والله عزّ وجل يعلم هذا ويوصله إلى صاحبه. فهذه مراتب التوبة بالنسبة لمن أخذ مال شخص معصوم.


تأتي مسألة الغيبة: فالغيبة كيف يتخلص منها إذا تاب:


من العلماء من قال: لابد أن يذهب إلى الشخص ويقول: إني اغتبتك فحللني، وفي هذا مشكلة.


ومنهم من فصّل وقال: إن علم بالغيبة ذهب إليه واستحله، وإن لم يعلم فلاحاجة أن يقول له شيئاً لأن هذا يفتح باب شرّ.


ومنهم من قال: لايُعلِمْه مطلقاً،كما جاء في الحديث: "كَفَّارَةُ مَنِ اغْتَبْتَهُ أَنْ تَستَغْفِرَ لَهُ"[281] فيستغفر له ويكفي.


ولكن القول الوسط هو الوسط، وهو أن نقول: إن كان صاحبه قد علم بأنه
اغتابه فلابد أن يتحلل منه، لأنه حتى لو تاب سيبقىفي قلب صاحبه شيء، وإن لم
يعلم كفاه أن يستغفر له.


الشرط الرابع: العزم على أن لايعود:


فلابد من هذا، فإن تاب من هذا الذنب لكن من نيته أن يعود إليه متىسنحت
له الفرصة فليس بتائب، ولكن لو عزم أن لايعود ثم سوّلت له نفسه فعاد
فالتوبة الأولىلاتنتقض، لكن يجب أن يجدد توبة للفعل الثاني.


ولهذا يجب أن نعرف الفرق بين أن نقول: من الشرط أن لايعود، وأن نقول:من الشرط العزم علىأن لايعود.


الشرط الخامس: أن تكون التوبة وقت قبول التوبة:


فإن كانت في وقت لاتقبل فيه لم تنفعه، وذلك نوعان: نوع خاص، ونوع عام.


النوع الخاص: إذا حضر الإنسان أجله فإن التوبة لاتنفع،لقول الله تعالى: (وَلَيْسَتِ
التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ
يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً)(النساء: الآية18) ولما غرق فرعون قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين فقيل له: (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس:91)


أي الآن تسلم، ومع ذلك لم ينفعه.


وأما العام: فهو طلوع الشمس من مغربها، فإن الشمس تشرق من المشرق وتغرب
من المغرب، فإذا طلعت من المغرب آمن الناس كلهم، ولكن لاينفع نفساً
إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.


ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لاً تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ
حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوبَةُ، وَلاتَنْقَطعُ التَّوبَةُ حَتَّى تَخْرُجَ
الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا"[282] .


فهذه هي شروط التوبة، وأكثر العلماء - رحمهم الله - يقولون:شروط التوبة ثلاثة: الندم، والإقلاع، والعزم على أن لايعود.


ولكن ما ذكرناه أوفى وأتمّ، ولابد مما ذكرناه.


.6 أن الإنسان إذا أذنب ذنوباً عظيمة ثم لقي الله لايشرك به شيئاً غفر الله له. ولكن هذا ليس على عمومه لقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء:48)


فقوله هنا في الحديث:"لأَتيتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً" هذا إذا شاء، وأما إذا لم يشأ فإنه يعاقب بذنبه.


.7-فضيلة التوحيد وأنه سبب لمغفرة الذنوب، وقد قال الله عزّ وجل: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)(الأنفال: الآية38) فمهما عظمت الذنوب إذا انتهى الإنسان عنها بالتوحيد غفر الله له.


.8 إثبات لقاء الله عزّ وجل، لقوله: "ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَتُشْرِك بِي
شَيْئَاً" وقد دلّ على ذلك كتاب الله عزّ وجل، قال الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(الكهف: الآية110) وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (الانشقاق: 6)


فلابد من ملاقاة الله عزّ وجل، والنصوص في هذا كثيرة، فيؤخذ من ذلك:
أنه يجب على الإنسان أن يستعد لملاقاة الله، وأن يعرف كيف يلاقي الله، هل
يلاقيه علىحال مرضيةٍ عند الله عزّ وجل، أو على العكس؟ ففتّش نفسك واعرف ما
أنت عليه.


ومن حسن تأليف المؤلّف - رحمه الله - أنه جعل هذا الحديث آخر الأحاديث
التي اختارها - رحمه الله - المختوم بالمغفرة، وهذا يسمّى عند البلاغيين
براعة اختتام.


وهناك مايسمّى براعة افتتاح فإذا افتتح الإنسان كتابه بما يناسب
الموضوع يسمونه براءة افتتاح، مثل قول ابن حجر - رحمه الله - في بلوغ
المرام:


"الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديماً وحديثاً" يشير إلى أن هذا الكتاب في الحديث.


وإلىهنا ينتهي الكلام على الأربعين النووية المباركة،التي نحثُّ كل
طالب علم على حفظها وفهم معناها والعمل بمقتضاها،نسأل الله عزّ وجل أن
يجعلنا ممن سمع وانتفع إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلىآله وصحبه أجمعين









--------------------------------------------------------------------------------


[278] أخرجه الترمذي – كتاب: الدعوات، باب: خلق الله مائة رحمة، (3540). والإمام أحمد – في مسند الانصار عن أبي ذر الغفاري، (21804)


[279] أخرجه الترمذي - كتاب: تفسير القرآن، باب: سورة البقرة، (2969). والإمام أحمد بن حنبل - ج4/ص267، في مسند الكوفيين عن النعمان بن بشير، (18542). وابن ماجه - كتاب: الدعاء، باب: فضل الدعاء، (3828). وأبو داود - كتاب: الوتر، باب: الدعاء، (1479). والنسائي في سننه الكبرى - كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة غافر، (11464).


[280]
أخرجه البخاري - بلفظ "تعس عبدالدينار والدرهم والقطيفة والخميلة، إن
أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض"، كتاب: الجهاد والسير، باب: الحراسة في الغزو
في سبيل الله، (2886)


[281] مسند الحارث – ج2/ص74، (1080)، بلفظ" عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة الاغتياب أن تسغفر لم اغتبته"


[282] أخرجه أبو داود – كتاب: الجهاد، باب: الهجرة هل انقطعت؟، (2479)والإمام أحمد بن حنبل – في مسند الشاميين عن معاوية بن أبي سفيان، ج4/ص99، (17030)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هبة الله
عضوه جديده
عضوه جديده



بلد الإقامه : الاسكندرية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 30
نقاط : 46
التقييم : 2
تاريخ التسجيل : 17/11/2011
العمل/الترفيه : ربة منزل
المزاج : ربنا لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 19, 2011 9:15 pm

ما شاء الله

ربنا يجعله فى ميزان حسناتك أختى العزيزة

جزاكى الله خير ..،،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 19, 2011 11:37 pm

واياك اختى الغاليه
هبه الله
نورت واضاءت الصفحه بطلتك الحلوة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شامخه بديني
نائبة المديره
نائبة المديره
شامخه بديني


بلد الإقامه : في دنيا فاااااااانية
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female78 عدد المساهمات : 7919
نقاط : 9610
التقييم : 160
تاريخ التسجيل : 27/04/2010
العمل/الترفيه : نائبه المديره أن اصبت فمن عند الله وأن أخطأت فـ من نفسي والشيطان
المزاج : ربي لك الحمد على نعمك

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 20, 2011 3:30 pm




بارك الله فيكي ياست الكل وجزاكي الله خيرا

الله يجعله في ميزان حسناتكي


شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 954951

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام نبيل
نجمة المنتدى
نجمة المنتدى
ام نبيل


بلد الإقامه : مصر
علم بلادي : شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Female31 عدد المساهمات : 14863
نقاط : 21669
التقييم : 186
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
العمر : 68
العمل/الترفيه : ربه منزل
المزاج : الحمدلله
جنسيتكِ : مصريه

شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح لاحاديث الاربعين النوويه   شرح لاحاديث الاربعين النوويه - صفحة 2 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 20, 2011 5:46 pm

واياكى يالغاليه
نورتى ام الخطاب
فى امان الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح لاحاديث الاربعين النوويه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» الاربعين النوويه
» الاربعين النوويه
» هيا يااخوات حمله حفظ الاربعين النوويه
» أحاديث الأربعون النوويه بشكل بطاقات >> روووعه
» مراجعه الاحاديث (متن الاربعين النوويه للاخوات المشتركات في المسابقه )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: **المنتديـات الدينيــه** :: رسول الله صلى الله عليه وسلم :: الأحاديث النبويه الشريفه-
انتقل الى:  
Place holder for NS4 only