قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله-:
"وكانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مواخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم، وأصول أهل البدع، وغيرهم، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال، وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثني عليها ويصفها بالفضيلة والعلم، وبذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرا من المغني أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها، وحسن سؤالاتها، وسرعة فهمها، وهي التي ختمت نساء كثيرا القرآن، منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق، زوجة الشيخ جمال الدين المزي، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أمة الرحيم زينب، رحمهن الله وأكرمهن برحمته وحنته، آمين "
توفيت في يوم عرفة، بظاهر القاهرة، وشهدها خلق كثير.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في " ذيل طبقات الحنابلة":
"فاطمة ابنة عباس بن أبي افتح، أم زينب الواعظة، الزاهدة العابدة، الشيخة، الفقيهة، العالمة المسندة المفتية، الخائفة الخاشعة، السيدة القانتة، المرابطة المتواضعة، الدينة العفيفة، الخيرة الصالحة، المتقنة، المحققة، الكاملة، الفاضلة، المتفننة البغدادية، الواحدة في عصرها،الفريدة في دهرها، القصود في كل ناحية.
كانت جليلة القدر، وافرة العلم، تسأل عن دقائق المسائل، وتتقن الفقه إتقانا بالغا، أخذت عن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، حتى برعت، كانت إذا أشكل عليها أمر، سألت ابن تيمية. عنه، فيفتيها، ويتعجب منها، ومن فهمها، ويبالغ في الثناء عليها، وكانت مجتهدة، صوامة قوامة، قوالة بالحق، خشنة العيش، قانعة باليسير آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، انتفع بها خلق كثير، وعلا صيتها، وارتفع محلها، وقيل: إنها جاوزت الثمانين، توفيت ليلة عرفة سنة أربع عشرة وسبعمائة، رحمها الله تعالى، ورضي عنها.. آمين ".
"وعلى سننها سارت ابنتها زينب، فكانت تعظ النساء، وتخطبهن في حياة أمها، وبعد موتها".
عليه بنت حسان :كانت امرأة نبيلة عاقلة، لها دار بالعوقة تعرف بها، وكان صالح المري وغيره من وجوه أهل البصرة وفقهائها يدخلون عليها، فتبرز لهم تحادثهم وتسائلهم .
وكذلك السيدة المكرمة الصالحة نفيسة بنت الحسن بن زيد ابن سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما (ت 208هـ)
كانت تحفظ القرآن الكريم، عالمة بالتفسير والحديث، ذكر ابن خلكان أن الإمام الشافعي عندما توفي أدخلت جنازته إليها، وصلت عليها في دارها.
قال الإمام الذهبي:
"ولم يبلغنا كبير شيء منن أخبارها" قال: "ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف، ولا يجوز مما فيه من الشرك، ويسجدون لها، ويلتمسون منها المغفرة، وكان ذلك من دسائس دعاة العبيدية"
قال ابن كثير:
" وإلى الآن قد بالغ العامة في اعتقادهم فيها، وفي غيرها كثيرا " جدا، ولاسيما عوام مصر، فإنهم يطلقون فيها عبارات بشعة مجازفة تؤدي إلى الكفر والشرك، وألفاظا كثيرة ينبغي أن يعرفوا أنها لا تجوز، وربما نسبها بعضهم إلى زين العابدين، وليست من سلالته، والذي ينبغي أن يعتقد فيها ما يليق بمثلها من النساء الصالحات، وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام، ومن زعم أنها تفك من الخشب، أو أنها تنفع أو تضر بغير مشيئة الله، فهو مشرك، رحمها الله وأكرمها".
وأشهر من امتزن بذلك:
فاطمة بنت عبد الرحمن (المتوفاة سنة 312 هـ)، وفاطمة بنت أبي داود، وأمة الواحد بنت المحاملي- الحسين بن إسماعيل (المتوفاة سنة 377 هـ) وهي والدة القاضي محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، وجمعة بنت أحمد، وأمة السلام بنت القاضي أبي بكر، وقد أفدن بدرس الحديث، واشتهرن به.
* وكانت أمة الواحد واسمها سُتيتة بجانب روايتها الحديث عالمة، فقيهة، مفتية، نعتها الخطي....... بقوله: "وكانت فاضلة في نفسها: كثيرة الصدقة، مسارعة في الخيرات، حدثت وكتب عنها الحديث) تفقهت بأبيها وروت عنه، وعن إسماعيل الوراق، وعبد الغافر الحمصي، وحفظت القرآن والفقه الشافعي، وأتقنت الفرائض ومسائل الدور والعربية، وغير ذلك.
قال البرقاني: "كانت تُفتي مع أبي علي بن أبي هريرة".
وقال غيره: "كانت من أحفظ الناس للفقه، وروى عنها الحسن بن محمد الخلال".
* أما جمعة بنت أحمد بن محمد بن عبيد الله المحمية؛ فهي من أهل نيسابور، قدمت بغداد، وحدثت بها عن أبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وأبي بكر الطرازي، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وبشر بن محمد بن ياسين.
قال الخطيب البغدادي:
"حدثني عنها أبو محمد الخلال، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وأبو الحسين محمد بن محمد الشروطي "، قال: "وذكر لي الشروطي أنه سمع منها ببغداد في سنة ست وتسعين وثلاث مئة"، وقال: "وقال لي الخلال: كان أبو حامد الإسفراييني يعظمها ويكرمها".
* وأما أمة السلام بنت القاضي أبي بكر أحمد بن كامل بن خلف ابن شجرة، فقد سمعت محمد بن إسماعيل البصلاني، ومحمد بن الحسين بن حميد بن الربيع.
قال الخطيب:
حدثنا عنها الأزهري، والتنوخي، والحسين بن جعفر السلماسي، ومحمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، وأبو حازم، وأبو يعلى محمد ابنا الحسين بن محمد بن الفراء"، كانت قد حدثت ببغداد سنة تسع وثلاث مئة".
قال الخطيب:
"سمعت الأزهري والتنوخي ذكرا أمة السلام بنت أحمد بن كامل، فأثنيا عليها ثناء حسنا، ووصفاها بالديانة والعقل والفضل "، توفيت سنة تسعين وثلاث مئة.
وكانت بعض المحدثات يذكرن في مجالس الإملاء أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من حفظهن، كما كانت تفعل فاطمة بنت أبي بكر بن أبي داود السجستاني.
* فاطمة بنت الأستاذ الزاهد أبي الحسن بن علي الدقاق:
كانت قرينة أبي القاسم القشيري، صاحب "الرسالة" المشهورة، وكانت من أشهر المحدثات والمحدثين في المئة الخامسة من الهجرة، سمعت من أبي نُعيم الإسفراييني، وأبي الحسن العلوي، وعبد الله بن يوسف، وأبي عبد الله الحاكم، والسُّلَمي، وطائفة.
حظيت بسهم وافر في العلوم الإسلامية، وتعلقت بأهداب الفطاحل من المحدثين، وبرزت نسيج وحدها في الحديث، وكانت تعد من أشهر المحدثات، وفاقت بني عصرها بعلو الإسناد، نعتها الذهبي بقوله: "الشيخة العابدة العالمة"، وبقوله: "وكانت عابدة، قانتة، مجتهدة، كبيرة القدر".
حدث عنها عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد حفيدها، وآخرون ماتت في ذي القعدة سنة ثمانين وأربع مئة، ولها تسعون سنة رحمها الله.
* عائشة بنت حسن بن إبراهيم أم الفتح الأصبهانية الوركانية.
كتبت الإملاء عن أبي عبد الله بن منده، بخطها، وسمعت من محمد بن جشنس الراوي عن ابن صاعد، ومن عبد الواحد بن شاه وجماعة.
مدحها مترجموها؟ فقال الذهبي: "الواعظة، العالمة، المسندة"، وهي أول شيخة للحافظ إسماعيل بن محمد.
قال السمعاني: "سألت الحافظ إسماعيل عنها، فقال: امرأة " صالحة، عالمة، تعظ النساء، وكتبت "أمالي ابن منده " عنه، وهي أول من سمعت منها الحديث، بعثني أبي إليها، وكانت زاهدة".
روى عنها: الحسين بن عبد الملك الخلال، وسعيد بن أبي الرجاء، ومحمد بن حمد الكبريتي، وإسماعيل الحمامي المعمر، فكان خاتمة أصحابها، بقيت إلى سنة ست وستين وأربع مئة.
* عائشة بنت محمد بن الحسين البسطامي:
روت عن أبى الحسين الخفاف وغيره، وعنها: إسماعيل بن المؤذن، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه، ومحمد بن حمويه الجويني الزاهد، كانتا من عائلة علم وفضل، فأبوها كان من كبار العلماء، وأخوها أبو المعالي عمر والموفق هبة الله كانا من كبار العلماء، وولد أخيها أبو سهل محمد بن الموفق كبير الشأن، ماتت في حدود خمس وستين وأربع مئة.
ومن محدثات هذا القرن: بِيبِي بنت عبد الصمد بن علي الهرثمية، أم الفضل (ت 477 هـ)، الشيخة المعمرة، المسندة، المحدثة، الفاضلة، صاحبة الجزء الذي اشتهرت بروايته، عن عبد الرحمن ابن أبي شريح، عن شيوخه، تفردت به، وسمعه منها عالم لا يحصون، وسلكها الذهبي ضمن "أعلام صلة الآثار النبوية الذين سار ذكرهم في الأقطار والأعصار".
* كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية:
فقد كانت ركنا ركينا للحديث، وحضر دروسها العلماء الكبار الفطاحل، كالمحدث الفقيه المعروف الخطيب البغدادي، والمحدث الشهير أبو عبد الله محمد بن نصر المعروف بالحميدي الأزدي، وكالمؤرخ الشهير أبو المحاسن المصري، وكالنسابة المحدث المعروف السمعاني، كلهم كانوا من جناة ثمارها العلمية، وقد اعترف العلماء بفضلها وسبقها في تدريس "الجامع الصحيح" للبخاري، حتى إن محدث هراة أبا ذر رحمه الله تعالى قد وصى الطلبة أن لا يأخذوا "الجامع الصحيح " إلا عنها.
ترجم لها ابن نقطة، فقال:
حدثت بـ"صحيح البخاري " بمكة، عن أبي الهيثم محمد بن المكي الكشميهني، وسمعت أيضا من زاهر بن أحمد السرخسي، وكانت عالمة، تضبط كتبها فيما بلغنا، سمع منها الحافظ أبو بكر الخطيب "صحيح البخاري"، وأبو طالب الحسين بن محمد الزينبي".
وترجم لها الحافظ ابن الجوزي في حوادث سنة (463 هـ)، فقال: رحمه الله تعالى:
"وتوفيت بمكة في هذه السنة الكريمة"بنت أحمد بن محمد بن أبي حاتم المروزية، من أهل كشميهن، قرية من قرى مرو، وكانت عالمة صالحة، سمعت أبا الهيثم الكشميهيني وغيره، وقرأ عليها الأئمة؛ كالخطيب، وابن المطلب، والسمعاني، وأبي طالب الزينبي. انتهى.
وقال الحافظ الذهبي في "العِبَر" في حوادث سنة (463 هـ) أيضا:
"وفيها توفيت كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم أم الكرام المروزية، المجاورة بمكة، روت "الصحيح"- أي: "صحيح البخاري "- عن الكشميهني، وروت عن زاهر السرخسي، وكانت تضبط كتابها وتقابل نسخها، ولها فهم ونباهة، وما تزوجت قط، وقيل: إنها بلغت المئة، وسمع منها خلق ".
ونعتها في "السير" بقوله: "الشيخة العالمة، الفاضلة، المسندة"، وقال: "سمعت من أبي الهيثم الكشميهني "صحيح البخاري "، وسمعت من زاهر بن أحمد السرخسي، وعبد الله بن يوسف بن بامُويه الأصبهاني " قال: "وكانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد، روت "الصحيح " مرات كثيرة، مرة بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام الموسم، وماتت بكرا لم تتزوج، حدَّث عنها الخطيب، وأبو الغنائم الترسي، وأبو طالب الحسين بن محمد الزينبي، ومحمد بن بركات السعيدي، وعلي بن الحسين الفراء، وعبد الله بن محمد بن صدقة بن الغزال، وأبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب، وأبو المظفر منصور بن السمعاني، وآخرون.
قال أبو الغنائم الترسني: "أخرجت كريمة إلي النسخة ب "الصحيح " فقعدت بحذائها، وكتبت سبع أوراق، وقرأتها، وكنت أريد أن أعارض وحدي، فقالت: لا حتى تُعارض معي، فعارضت معها، قال: وقرأت عليها من حديث زاهر".
وقال أبو بكر بن منصور السمعاني: "سمعت الوالد يذكر كريمة، ويقول: وهل رأى إنسان مثل كريمة"؟!