الجن عالم مستقل :الجن عالم غير عالم الإنسان وعالم الملائكة
بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف
بصفة العقل والإدراك
ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر
ويخالفون الإنسان في أمور أهمها
أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان .
لماذا سمّوا جنّاً :وسمو جنّاً لاجتنانهم ، أي : استتارهم عن العيون
قال
ابن عقيل :
" إنما سمّي الجن جنّاً لاجتنانهم واستتارهم عن العيون
ومنه سمي الجنين جنيناً
وسمّي المجنّ مجناً لستره للمقاتل في الحرب " (1) .
وجاء في محكم التنزيل :
( إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) [ الأعراف : 27 ] .
أصلهم وخلقهم
المطلب الأول
أصلهم الذي منه خلقوا
****************
أخبرنا الله – جلّ وعلا –
أن الجنّ قد خُلقوا من النار في قوله :
( وَالْجَآنَّ خلقناه من قبل من نّار السَّموم ) [ الحجر : 27 ]
وفي سورة الرحمن :
( وخلق الجانَّ من مَّارجٍ من نَّارٍ ) [ الرحمن : 15 ]
وقد قال ابن عباس
وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن وغير واحد في قوله :
( مَّارجٍ من نَّارٍ ) :
طرف اللهب ، وفي رواية :
من خالصه وأحسنه (2) :
وقال النووي في شرحه على مسلم :
" المارج :
اللهب المختلط بسواد النار " (3) .
وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن عائشة قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( خلقتْ الملائكة من نور
وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم )
(4) .
المطلب الثاني
ابتداء خلقهم.
لا شك أن خلق الجن متقدم على خلق الإنسان
لقوله تعالى :
( ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حَمَإٍ مَّسنونٍ –
والجآنَّ خلقناه من قبل من نَّار السَّموم )[ الحجر : 26-27 ]
فقد نصّ في الآية أن الجان مخلوق قبل الإنسان
ويرى بعض السابقين أنهم خلقوا قبل الإنسان بألفي عام
وهذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنّة .
المطلب الثالث
صفة خلقة الجن
نحن لا نعرف من خلقتهم وصورهم وحواسهم
إلا ما عرفنا الله منها
فنعلم أن لهم قلوباً قال تعالى :
( ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس
لهم قلوبٌ لا يفقهون بها
ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها
أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ ) [الأعراف : 179] .
فقد صرح – تبارك وتعالى – بأن للجن قلوباً
وأعيناً وآذاناً ، وللشيطان صوتاً ، لقولـه تعالى :
( واستفزز من استطعت منهم بصوتك ) [ الإسراء : 64 ] .
وثبت في الأحاديث أن للشيطان لساناً ، وأن الجان يأكلون
ويشربون ، ويضحكون
وغير ذلك مما تجده مبثوثاً في هذا الكتاب .
المطلب الرابع
أسماء الجن في لغة العرب وأصنافهم
قال
ابن عبد البر :
" الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب :
1- فإذا ذكروا الجن خالصاً قالوا : جنّي .
2- فإذا أرادوا أنه مما يسكن مع الناس
قالوا : عامر ، والجمع : عمّار .
3- فإن كان مما يعرض للصبيان قالوا : أرواح .
4- فإن خبث وتعرض ، قالوا : شيطان .
5- فإن زاد على ذلك ، فهو مارد .
6- فإن زاد على ذلك وقوي أمره ، قالوا :
عفريت ، والجمع : عفاريت " (5) .
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ
(
الجن ثلاثة أصناف : فصنف يطير في الهواء
وصنف حيّات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون )
. رواه الطبراني ، والحاكم ، والبيهقي في الأسماء والصفات
بإسناد صحيح (6) .
--------------------------------(1) آكام المرجان في أحكام الجان : ص7 .(2) البداية والنهاية : 1/59 .(3) شرح النووي على مسلم : 18/123 .(4) صحيح مسلم : 4/2294 . ورقمه : 2996 .(5) آكام المرجان : 8 .(6) صحيح الجامع : 3/85 .